"قلت يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله تعالى عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت. ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير؟: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} {حتى إذا بلغ} {يعملون} ثم قال ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قلت: بلى يا رسول الله، قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله؟ قلت: بلى يا رسول الله، فأخذ بلسانه وقال: كف عليك هذا. قلت: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك، وهل يكب الناس في النار على وجوههم - أو قال على مناخرهم - إلا حصائد ألسنتهم؟ ". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". فتعقبه الحافظ ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" ٢/ ١٣٥، بقوله: "وفيما قاله رحمه الله نظر من وجهين: أحدهما: أنه لم يثبت سماع أبي وائل من معاذ، وإن كان قد أدركه بالسن، وكان معاذ بالشام، وأبو وائل بالكوفة، وما زال الأئمة - كأحمد وغيره - يستدلون على انتفاء السماع بمثل هذا، وقد قال أبو حاتم الرازي في سماع أبي وائل من أبي الدرداء: قد أدركه، وكان بالكوفة، وأبو الدرداء بالشام، يعني: أنه لم يصح له سماع منه، وقد حكى أبو زرعة الدمشقي عن قوم أنهم توقفوا في سماع أبي وائل من عمر، أو نفوه، فسماعه من معاذ أبعد. والثاني: أنه قد رواه حماد بن سلمة، عن عاصم بن أبي النجود، عن شهر بن حوشب، عن معاذ، خرجه الإمام أحمد مختصرا، قال الدارقطني: وهو أشبه بالصواب، لأن الحديث معروف من رواية شهر على اختلاف عليه فيه". قلت: قد جاء بإسناد موصول: أخرجه أبو القاسم البغوي في "الجعديات" (٣٤٠٣)، ومن طريق ابن الجعد أخرجه ابن حبان (٢١٤)، والطبراني ٢٠/ (١٢٢)، وفي "مسند الشاميين" (٢٢٢) حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن معاذ بن جبل، وعن عمير بن هانئ، سمع عبد الرحمن بن غنم يحدث، أنه سمع معاذ بن جبل يحدث، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال له: حدثني بعمل يدخل الجنة إذا هو عمله؟ قال: "بخ بخ، سألت عن عظيم، وهو يسير لمن يسره الله له، تقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، ولا تشرك بالله شيئا". وأخرجه البزار (٢٧ - كشف) وتحرّف في المطبوع (أبيه) إلى (أمه)! وإسناده جيد. وأخرجه هناد في "الزهد" ٢/ ٥٣٠ حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن محمد بن عجلان، عن مكحول، عن معاذ بن جبل، وفيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "ألا أنبئك برأس هذا الأمر وعموده وذروة سنامه؟ قال: رأسه الإسلام، فمن أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله، ألا أنبئك بأبواب الخير: الصيام جنة، والصدقة تمحو الخطيئة، وقيام العبد في جوف الليل لله، قال: ثم تلا هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) حتى فرغ منها، ألا أنبئك بأملك الناس من ذلك. فأشار إلى لسانه ثلاثا. قال: فقلت: وإنا لنؤاخذ بما نتكلم به؟ فضرب منكبي، ثم قال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا هذا اللسان، إنك ما سكت سلمت، وإذا تكلمت فلك أو عليك". وإسناده منقطع، مكحول لم يسمع من معاذ، وهو مدلس أيضا. وله طرق أخرى عن عبد الرحمن بن غنم: أخرجه ابن ماجه (٧٢)، وأحمد ٥/ ٢٣٦ و ٢٤٥، وابن المبارك في "الجهاد" (٣١)، وعبد ابن حميد (١١٣ - المنتخب)، والبزار (٢٦٦٩) و (٢٦٧٠)، والطبراني ٢٠/ (١١٥) و (١١٧)، والدارقطني ١/ ٤٣٤، وابن عبد البر في "التمهيد" ٥/ ٦٥ - ٦٦ مطولا ومختصرا من طريق شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خرج بالناس قبل غزوة تبوك … وفيه "ثم قال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: إن شئت حدثتك يا معاذ برأس هذا الأمر، وقوام هذا الأمر و ذروة السنام. فقال معاذ: بلى بأبي وأمي أنت يا نبي الله فحدثني. فقال نبي الله -صلى الله عليه وسلم-: إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، وإن قوام هذا الأمر إقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وإن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله، وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه، ولا اغبرت قدم في عمل تبتغي فيه درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقل ميزان عبد كدابة تنفق له في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله". وشهر بن حوشب: مختلف فيه، ولم يتفرّد به فقد توبع عليه: أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٥)، والبخاري في "التاريخ الكبير" ٧/ ٤٢٦، والطبراني ٢٠/ (١٣٧)، وابن بشران في "الأمالي" (٨١٨) من طريق سعيد بن مسروق، عن أيوب بن كريز، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ مطولا، وفيه "أما رأس الأمر فالإسلام، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروته فالجهاد". وأخرجه الطحاوي في "شرح مشكل الآثار" (١٤٧٨) من طريق سعيد بن مسروق، عن أيوب - قال الطحاوي وهو ابن عبد الله بن مكرز - عن شهر بن حوشب، عن عبد الرحمن ابن غنم، عن معاذ بن جبل. وليس الأمر كما قال الطحاوي رحمه الله تعالى، فإن أيوب هذا هو ابن كريز، وهو الذي يروي عن ابن غنم، ويروي عنه سعيد بن مسروق كما في "التاريخ الكبير" ١/ ٤٢١ للبخاري، و"الجرح والتعديل" ٢/ ٢٥٦ لابن أبي حاتم، و"الثقات" ٦/ ٥٤ لابن حبان، وقد وضّح ذلك يقينا رواية المروزي والبخاري والطبراني، وهو مجهول، وأما أيوب بن عبد الله بن مكرز فهو أعلى طبقة من ابن كريز فهو من الوسطى من التابعين يروي عن عبد الله بن مسعود، ووابصة بن معبد رضي الله عنهما، ويروي عنه شريح بن عبيد الحضرمي، والزبير أبو عبد السلام. وأخرجه الطبراني ٢٠/ (١٤١) من طريق عبد الرحمن بن يزيد بن تميم، حدثني الزهري، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، حدثني معاذ بن جبل. وعبد الرحمن بن يزيد بن تميم: ضعيف. ومن طريق شهر (وحده): أخرجه أحمد ٥/ ٢٣٢ و ٢٤٢ و ٢٤٨، وفي "الزهد" (١٦٤) مختصرا، والطبراني ٢٠/ (٢٠٠). وإسناده منقطع شهر لم يلق معاذا. وله طرق أخرى عن معاذ: الطريق الأول - أخرجه النسائي (٢٢٢٦)، وفي "الكبرى" (٢٥٤٧)، وأحمد ٥/ ٢٣٣ و ٢٣٧، وابن أبي شيبة ٥/ ٢٨٦ و ٩/ ٦٤ و ١١/ ٦، وفي "الإيمان" (١)، وفي "الأدب" (٢٢٠)، والطيالسي (٥٦١)، والحارث بن أبي أسامة (١٢ - بغية الباحث)، وابن أبي عاصم في "الجهاد" (١٦)، وفي "ذكر الدنيا" (٧)، والطبراني ٢٠/ (٣٠٤) و (٣٠٥)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (٤٨)، والبيهقي في "الشعب" (٢٥٤٩) و (٣٠٧٨) و (٣٩٢١) مطولا ومختصرا من طرق عن شعبة، عن الحكم، قال: سمعت عروة بن النزال، يحدث عن معاذ بن جبل، قال: قلت: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال: "بخ بخ لقد سألت عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله: صل الصلاة المكتوبة وأد الزكاة المفروضة أفلا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ أما رأس الأمر فالإسلام من أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله … الحديث". وعروة بن النزال لم يسمعه من معاذ وهو مجهول. الطريق الثاني- أخرجه النسائي (٢٢٢٤) و (٢٢٢٥) و (٢٢٢٧)، وفي "الكبرى" (٢٥٤٥) و (٢٥٤٦) و (٢٥٤٨)، وأحمد ٥/ ٢٣٣ و ٢٣٧، وابن أبي شيبة ٩/ ٦٤ و ١١/ ٧، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٧)، وهناد في "الزهد" ٢/ ٥٢٩، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (٦)، والطبراني ٢٠/ (٢٩٢) و (٢٩٣) و (٢٩٤)، والشاشي في "مسنده" (١٣٦٦)، والحاكم ٢/ ٧٦ و ٤١٢ - ٤١٣، وأبو نعيم في "الحلية" ٤/ ٣٧٦، والواحدي في "الوسيط" (٧٣٤)، والبيهقي ٩/ ٢٠، وفي "الشعب" (٤٦٠٧) من طريق ميمون بن أبى شبيب، عن معاذ بن جبل، وفيه "رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي! قلت: ميمون بن أبي شبيب لم يخرج له البخاري في الصحيح شيئا إنما أخرج له في "الأدب المفرد"، وكذا مسلم إنما خرج له في "المقدمة" ١/ ٨، وإسناده منقطع بينه وبين معاذ. الطريق الثالث - أخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٨) حدثنا أحمد بن محمد ابن أبي بكر المقدمي، حدثنا إسحاق بن محمد الفروي، حدثنا عبد الله بن عمر، عن نعيم ابن وهب، عن معاذ بن جبل مختصرا. وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، وإسحاق بن محمد الفروي مختلف فيه، ونعيم بن وهب لم أجد له ترجمة. الطريق الرابع - أخرجه هناد في "الزهد" ٢/ ٥٣١ حدثنا عبدة، وابن أبي الدنيا في "الصمت" (٢٢)، والشاشي في "مسنده" (١٤٠٠) من طريق يزيد بن هارون، والطبراني ٢/ (٣٧٤) من طريق عبد العزيز بن محمد، ثلاثتهم عن محمد بن عمرو، حدثنا أبو سلمة قال: قال معاذ بن جبل: يا رسول الله، أوصني، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اعبد الله كأنك تراه، واعدد نفسك مع الموتى واذكر الله عند كل حجر وشجر، وإذا عملت السيئة فاعمل بجنبها حسنة، السر بالسر، والعلانية بالعلانية، وأخبرك بما هو أملك بك من ذلك؟ قال: يا رسول الله، وما هو؟ قال: "هذا"، وأشار إلى لسانه، قال معاذ: يا رسول الله، هو ذا، وأشار إلى لسانه. قال: "وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا هذا". وإسناده منقطع بين أبي سلمة ومعاذ. الطريق الخامس - أخرجه البزار (٢٦٤٣)، والطبراني ٢٠/ (٢٥٨)، وابن البناء في "السكوت ولزوم البيوت" (٥) من طريقين عن محمد بن عبد الله بن الزبير، حدثنا أبو معاوية عمرو بن عبد الله النخعي، حدثنا أبو عمرو الشيباني، عن معاذ بن جبل، قال: "قلت يا رسول الله، أنؤاخذ بكل ما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ بن جبل، وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم؟ ". وهذا إسناد رجاله ثقات، أبو عمرو الشيباني الكوفي سعد بن إياس: مخضرم. تنبيه: لقد توهّم المعلقون على "مسند الإمام أحمد" ٣٦/ ٣٤٦ - طبعة الرسالة أن أبا معاوية عمرو بن عبد الله النخعي: هو عمرو بن عبد الله السبيعي، وقد جاء التصريح بكنيته في "المعجم الكبير". الطريق السادس- أخرجه أحمد ٥/ ٢٣٤، والبزار (٢٦٥١)، والطبراني في "الشاميين" (١٤٩٢)، وأبو نعيم في "الحلية" ٥/ ١٥٤ من طريق أبي بكر بن مريم، عن عطية بن قيس، عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "الجهاد عمود الإسلام، وذروة سنامه". وهذا منكر، الحديث معروف بلفظ "الصلاة عمود الإسلام، والجهاد ذروة سنامه"، وأبو بكر ابن عبد الله بن أبى مريم الغساني: ضعيف وكان قد سرق بيته فاختلط، وإسناده منقطع عطية ابن قيس لم يسمع من معاذ. الطريق السابع - أخرجه الطبراني ٢٠/ (٩٦)، وابن شاهين في "فضائل الأعمال" (٤٣٥) من طريق الوليد بن مسلم، حدثنا عثمان بن أبي العاتكة، عن علي بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن معاذ بن جبل، أنه قال: "يا رسول الله، ما رأس ما بعثت به؟ قال: الإسلام، من أسلم سلم، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله". وإسناده ضعيف، علي بن يزيد الألهاني: ضعيف. وعثمان بن أبي عاتكة: ضعفوه في روايته عنه. وجاء من مسند عبادة بن الصامت: أخرجه الحاكم ٤/ ٢٨٦ - ٢٨٧ حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، حدثنا الربيع بن سليمان، حدثنا عبد الله بن وهب، أخبرني أبو هانئ، عن عمرو بن مالك الجنبي، عن فضالة بن عبيد، عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خرج ذات يوم على راحلته وأصحابه معه بين يديه، فقال معاذ بن جبل: يا نبي الله أتأذن لي في أن أتقدم إليك على طيبة نفس؟ قال: نعم فاقترب معاذ إليه فسارا جميعا، فقال معاذ: بأبي أنت يا رسول الله، أن يجعل يومنا قبل يومك أرأيت إن كان شيء ولا نرى شيئا إن شاء الله تعالى فأي الأعمال نعملها بعدك؟ فصمت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: الجهاد في سبيل الله ثم، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: نعم الشيء الجهاد، والذي بالناس أملك من ذلك فالصيام والصدقة قال: نعم الشيء الصيام والصدقة فذكر معاذ كل خير يعمله ابن آدم فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: وعاد بالناس خير من ذلك قال: فماذا بأبي أنت وأمي عاد بالناس خير من ذلك؟ قال: فأشار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى فيه قال: الصمت إلا من خير قال: وهل نؤاخذ بما تكلمت به ألسنتنا؟ قال: فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فخذ معاذ، ثم قال: يا معاذ ثكلتك أمك - أو ما شاء الله أن يقول له من ذلك - وهل يكب الناس على مناخرهم في جهنم إلا ما نطقت به ألسنتهم فمن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت عن شر، قولوا خيرا تغنموا واسكتوا عن شر تسلموا". وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبي! قلت: رجاله ثقات، وليس هو على شرط الشيخين أو أحدهما، فلم يخرجا شيئا للربيع بن سليمان المرادي، وأبو هانئ هو حميد بن هانئ الخولاني المصري لم يخرج له البخاري إنما أخرج له في "الأدب المفرد"، ومسلم في "الصحيح"، وكذا عمرو بن مالك الهمداني الجنبي لم يخرجا له شيئا إنما أخرج له البخاري في "الأدب المفرد". وله شواهد من حديث أبي هريرة، وعمر، وعلي: أما حديث أبي هريرة: فأخرجه المروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٩) حدثنا المقدمي، حدثنا الفروي، حدثنا عبد الله، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة، مثل حديث نعيم. يعني نعيم بن وهب، عن معاذ بن جبل، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "وسأنبئك برأس الأمر وعموده، رأسه الإسلام، وعموده الصلاة". وإسناده ضعيف، فيه عبد الله بن عمر العمري وهو ضعيف، وإسحاق بن محمد الفروي مختلف فيه، ونعيم بن وهب لم أجد له ترجمة. وأما حديث عمر: فأخرجه البيهقي في "الشعب" (٢٥٥٠) أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرنا أبو حامد أحمد ابن محمد بن أحمد بن شعيب بن هارون بن موسى الفقيه، حدثنا زكريا بن يحيى بن موسى ابن إبراهيم النيسابوري، أخبرنا وهب بن جرير، حدثنا شعبة، عن قتادة، عن عكرمة، عن عمر، قال: "جاء رجل، فقال: يا رسول الله أي شيء أحب عند الله في الإسلام؟ قال: الصلاة لوقتها، ومن ترك الصلاة فلا دين له، والصلاة عماد الدين". وقال البيهقي: "قال أبو عبد الله - يعني الحاكم -: عكرمة لم يسمع من عمر وأظنه أراد، عن ابن عمر". قال الزيلعي في "تخريج الكشاف" ١/ ٤٢: "الظاهر أن عكرمة هذا هو عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاص لا عكرمة مولى ابن عباس، وهو أوثق من مولى ابن عباس، وروى ابن أبي حاتم في "مراسيله" عن أحمد بن حنبل، أنه قال: لم يسمع عكرمة بن خالد من عمر، إنما سمع من ابن عمر. بل قال أبو زرعة: عكرمة ابن خالد عن عثمان مرسل فضلا عن عمر انتهى. وقال ابن القطان في كتابه الوهم والإيهام: عكرمة بن خالد رجلان وكلاهما مخزوميان: أحدهما عكرمة بن خالد بن سعيد بن العاص، وهو تابعي يروي عن ابن عمر وابن عباس، وروى عنه عمرو بن دينار وإبراهيم بن مهاجر وابن جريج وعامر الأحول وحنظلة بن أبي سفيان، وثقه النسائي وابن معين وأبو زرعة، ولم يسمع فيه بتضعيف قط وقد أخرج له البخاري ومسلم. والآخر عكرمة بن خالد بن سلمة يروي عن أبيه، وعنه مسلم بن إبراهيم ونصر بن علي ذكره إلياس في الضعفاء، قال البخاري وأبو حاتم هو منكر الحديث". وأخرج أبو نعيم الفضل بن دكين في كتاب الصلاة كما في "تلخيص الحبير" ١/ ٣٠٨ عن حبيب بن سليم، عن بلال بن يحيى، قال: "جاء رجل إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يسأل عن الصلاة؟ فقال: الصلاة عمود الدين". وقال الحافظ: "وهو مرسل ورجاله ثقات". وأما حديث علي: فأخرجه ابن شاهين في "فضائل الأعمال" (٤٤٤)، وقوام السنة في "الترغيب" (٢٠١٦) من طريق محمد بن عثمان العبسي، حدثنا أحمد بن طارق، حدثنا حبيب، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: "الصلاة عماد الإسلام، والجهاد سنام العمل". وإسناده ضعيف جدا، الحارث الأعور: في حديثه ضعف، كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض كما في "التقريب". وحبيب هو أخو حمزة كما جاء مصرّحا به في "الغرائب الملتقطة"، وهو ابن حبيب الزيات: قال الذهبي في "الميزان" ١/ ٤٥٧: "وهاه أبو زرعة، وتركه ابن المبارك". وأحمد بن طارق الوابشي: لم أجده، وقد تفرّد بالرواية عنه محمد بن عثمان العبسي: وهذا الآخر قد اختلف فيه، ودافع عنه العلّامة المعلمي في "التنكيل" ٢/ ٦٩٤ - ٦٩٦. قوله (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد) قال ابن رجب: "أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ثلاثة أشياء: رأس الأمر، وعموده، وذروة سنامه. فأما رأس الأمر، ويعني بالأمر: الدين الذي بعث به وهو الإسلام، وقد جاء تفسيره في الرواية الأخرى بالشهادتين، فمن لم يقر بهما ظاهرا وباطنا، فليس من الإسلام في شيء. وأما قوام الدين الذي يقوم به الدين كما يقوم الفسطاط على عموده فهو الصلاة، وفي الرواية الأخرى: "وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة" وقد سبق القول في أركان الإسلام وارتباط بعضها ببعض. وأما ذروة سنامه - وهو أعلى ما فيه وأرفعه - فهو الجهاد، وهذا يدل على أنه أفضل الأعمال بعد الفرائض، كما هو قول الإمام أحمد وغيره من العلماء. وقوله في رواية الإمام أحمد: "والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا اغبرت قدم في عمل يبتغى به درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله - عز وجل -" يدل على ذلك صريحا. وفي " الصحيحين " عن أبي ذر، قال: قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله وجهاد في سبيله".