للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على تركها إلا بخروج وقتها، فإذا خرج علمنا أنه تركها، ولا يجب قتله بها لأنها فائتة، فإذا ضاق وقت الثانية وجب قتله (ولا يقتل) من ترك الصلاة تهاونا وكسلا، وكذا من جحد وجوبها (حتى يستتاب ثلاثة أيام كمرتد) أي: كسائر المرتدين (نصا) ويضيق عليه.

وذكر القاضي أنه يضرب (فإن تاب) من ترك الصلاة تهاونا وكسلا (بفعلها) أي: بفعل الصلاة خلي سبيله، نقل صالح: توبته أن يصلي لأن كفره بالامتناع منها، فحصلت توبته بها، بخلاف جاحدها، فإن توبته إقراره بما جحده مع الشهادتين كما يعلم مما يأتي في باب المرتد (وإلا) أي: وإن لم يتب بفعل الصلاة (قتل بضرب عنقه) بالسيف، لقوله عليه الصلاة والسلام "إذا قتلتم فأحسنوا القتلة" رواه مسلم أي: الهيئة من القتل (لكفره) علة يقتل لما روى جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال "بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة" رواه مسلم.

وروى بريدة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من تركها فقد كفر" رواه الخمسة وصححه الترمذي (١).

وروى عبادة مرفوعا "من ترك الصلاة متعمدا فقد خرج من الملة" رواه الطبراني بإسناد جيد (٢).

وقال عمر "لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة" (٣).

ولقوله -صلى الله عليه وسلم- "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون الصلاة" (٤) قال أحمد: كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء ولأنه يدخل بفعلها في الإسلام فيخرج بتركها منه كالشهادتين (وحيث كفر) فإنه يقتل بعد الاستتابة، ولا يغسل ولا يصلى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين و (لا يرق ولا يسبى له أهل ولا ولد).


(١) صحيح - وقد تقدّم انظر الحاشية رقم ().
(٢) إسناده ضعيف - وقد تقدّم انظر الحاشية رقم (٢٢).
(٣) صحيح - وقد تقدّم انظر الحاشية رقم (٥٦).
(٤) صحيح - أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" ٢/ ١٥٨، ومن طريقه القضاعي في "مسند الشهاب" (٢١٦)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (١٧١)، وتمام في "الفوائد" (١٩١)، والضياء في "الأحاديث المختارة" (١٥٨٣) عن موسى بن إسماعيل أبي سلمة التبوذكي، عن ثواب بن حجيل، قال: سمعت ثابتا، قال: قال أنس:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة".
وإسناده ضعيف، ثواب - أو تواب - بن حجيل: مجهول، تفرد بالرواية عنه التبوذكي، وذكره البخاري في "التاريخ الكبير" ٢/ ١٥٨، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" ٢/ ٤٧١، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا، ووثقه ابن حبان ٦/ ١٢٢ - ١٢٣!
وله طريق أخرى عن أنس:
أخرجه أبو يعلى (٤١٢٤) حدثنا أبو الربيع الزهراني، والمروزي في "تعظيم قدر الصلاة" (١٩٣) من طريق محمد بن الفضل عارم، كلاهما عن حماد، حدثنا يزيد الرقاشي، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"إن أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة، وآخر ما يبقى الصلاة، وأول ما يحاسبون به الصلاة، يقول الله: انظروا في صلاة عبدي، فإن كانت تامة كتبت تامة،
وإن وجدت ناقصة قال: انظروا، هل له من تطوع؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع، ثم قال: انظروا هل زكاته تامة؟ فإن وجدت زكاته تامة كتبت تامة، وإن كانت ناقصة قال: انظروا، هل له صدقة؟ فإن كانت له صدقة تمت له زكاته من الصدقة".
وأخرجه أبو نعيم في "الحلية" ٦/ ٢٦٥، وفي "أخبار أصبهان" ٢/ ٢١٣ حدثنا أحمد بن إبراهيم بن يوسف، حدثنا محمد بن شيرزاد، حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن يزيد الرقاشي، عن أنس بن مالك، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"أول ما تفقدون من دينكم الصلاة".
وإسناده ضعيف، يزيد بن أبان الرقاشي: ضعيف زاهد.
وله شواهد من حديث عمر بن الخطاب، وأبي هريرة، وعبد الله بن مسعود، وحذيفة:
أما حديث عمر بن الخطاب:
فأخرجه الطبراني في "الصغير" (٣٨٧)، وعنه أبو نعيم في "الحلية" ٢/ ١٧٤، والبيهقي في "الشعب" (٤٨٩٢) من طريق المعافى بن سليمان، حدثنا حكيم بن نافع، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن سعيد بن المسيب، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"أول ما يرفع من الناس الأمانة، وآخر ما يبقى الصلاة، ورب مصل لا خير فيه".
وقال الطبراني:
"لم يروه عن يحيى بن سعيد إلا حكيم بن نافع تفرد به المعافى، ولا يروى عن عمر إلا بهذا الإسناد".
وإسناده ضعيف من أجل حكيم بن نافع.
وسعيد بن المسيب: ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر رضي الله عنه، قال أبو حاتم: لا يصح له سماع منه.
وأما حديث أبي هريرة:
فأخرجه أبو يعلى (٦٦٣٤) حدثنا محمد بن عبد الله المخرمي، حدثنا يونس بن محمد، حدثنا أشعث بن براز، حدثنا قتادة، عن عبد الله بن شقيق، عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:
"أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة، وآخر ما يبقى منها الصلاة - يخيل إلي أن قال -: وقد يصلي قوم لا خلاق لهم".
وإسناده ضعيف جدا، أشعث بن براز: قال العلّامة المعلمي في تعليقه على "الفوائد المجموعة" (ص ٢٧٩): "متروك".
وأما حديث ابن مسعود:
فأخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ١٠٢ من طريق مالك بن مغول، والخلال في "السنة" (١٣٩١) من طريق سفيان، والطبراني ٩/ (٩٧٥٤) من طريق شعبة، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (٢٦٧) من طريق الأعمش، أربعتهم عن سلمة بن كهيل، عن أبي الزعراء، قال: قال عبد الله:
"إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما تفقدون الصلاة".
وهذا إسناد صحيح، وله حكم الرفع، وله طريق أخرى عن ابن مسعود:
أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٥٩٨١)، ومن طريقه الطبراني ٩/ (٨٧٠٠) عن إسرائيل، وابن أبي شيبة ١٤/ ٩٣ و ١٥/ ١٧٥، والخطيب في "تاريخ بغداد" ١٢/ ٧٩ عن أبي الأحوص، ونعيم بن حماد في "الفتن" (١٦٨٥)، وسعيد بن منصور في "التفسير من سننه" (٩٧)، والخرائطي في "مكارم الأخلاق" (١٧٦)، والطبراني ٩/ (٨٦٩٨) و (٨٦٩٩) و (٩٥٦٢)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (١٧٤)، والحاكم ٤/ ٥٠٤، والبيهقي في "الشعب" (١٨٦٩) و (٤٨٩١)، والداني في "السنن الواردة في الفتن" (٢٦٩) و (٢٧٢) من طريق السفيانين، والبيهقي ٦/ ٢٨٩ من طريق شعبة، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق" (٢٧٤)، والخطيب البغدادي ١٢/ ٧٩ من طريق جرير، والخطيب البغدادي ١٢/ ٧٩ من طريق فضيل بن عياض، وشريك، وأبي بكر بن عياش، تسعتهم عن
عبد العزيز بن رفيع، عن شداد بن معقل قال: سمعت ابن مسعود، يقول:
"إن أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وإن آخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين القوم الذين لا دين لهم، ولينتزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن، وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى عليه ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى منه شيء".
وإسناده حسن، وأخرجه الطبراني (٨٦٩٨) من طريق الثوري، عن أبيه، عن المسيب بن رافع، عن شداد بن معقل به.
وأما حديث حذيفة:
فأخرجه ابن أبي شيبة ١٣/ ٣٨١، والطبري في "تهذيب الآثار" (١٠٠٦) - مسند ابن عباس، والدولابي في "الكنى" (١٤٢٠)، وابن وضاح في "البدع" (١٥٣)، والحاكم ٤/ ٤٦٩ من طريق عبد الرحمن بن مهدي، والخلال في "السنة" (١٢٩٢)، وابن بطة في "الإبانة الكبرى" (٨) و (٧١٦) من طريق عبد الملك بن عمرو، وأحمد في "الزهد" (١٠٠٣)، وأبو نعيم في "الحلية" ١/ ٢٨١ من طريق وكيع، ثلاثتهم عن عكرمة بن عمار، عن أبي عبد الله الفلسطيني، حدثني عبد العزيز بن أخي حذيفة، عن حذيفة رضي الله عنه:
"أول ما تفقدون من دينكم الخشوع، وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة".
وعند ابن وضاح "أول ما تفقدون من دينكم الأمانة"، وجاء عند أكثرهم مطولا.
وقال الحاكم:
"هذا حديث صحيح الإسناد" وأقره الذهبي.
أبو عبد الله الفلسطيني: جاء عند ابن بطة (حميد بن أبي عبد الله الفلسطيني)، وعند الحاكم (حميد بن عبد الله الفلسطيني)، وعند ابن وضاح (حميد أبو عبد الله)، وعند الدولابي (جنيد أبو عبد الله الفلسطيني)، وعند الطبري (محمد بن أبي عبد الله الفلسطيني)، وعند الباقيين (أبو عبد الله الفلسطيني).
وهو أبو عبد الله حميد بن زياد الفلسطيني، ويقال: اليمامي: مجهول الحال، لا يعرف له توثيق إلا عن ابن حبان ٦/ ١٩١.
وانظر تمام الكلام عليه في كتابي "أحاديث الغربة وآثارها" عند شواهد الحديث الثاني عشر.

<<  <   >  >>