واللام المؤدية لحصول كمال المسمى لهم، فإنك إذا قلت: زيد العالم الصالح أفاد ذلك إثبات كمال ذلك له بخلاف قولك عالم صالح.
الثالث: إتيانه سبحانه بالمبتدأ والخبر معرفتين وذلك من علامات انحصار الخبر في المبتدأ كما في قوله تعالى: {وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}[البقرة: ٥] و [آل عمران: ١٠٤] و [التوبة: ٨٨] و [النور: ٥١] و [الروم: ٣٨] و [لقمان: ٥]، وقوله تعالى:{وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ}[البقرة: ٢٥٤]، وقوله {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}[الأنفال: ٤، ٧٤]، ونظائره.
الرابع: إدخال ضمير الفصل بين المبتدأ والخبر وهو يفيد مع الفصل فائدتين أخريين: قوة الاسناد، واختصاص المسنَد إليه بالمسند، كقوله:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ}[الحج: ٦٤]، وقوله:{وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}[المائدة: ٧٦]، وقوله:{إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الشورى: ٥]، ونظائر ذلك.
ومن أعظم التذكير بآيات الله: التذكير بآيات الصلاة، فمن ذُكِّر بها ولم يتذكر، ولم يصلِّ لم يؤمن بها، لأنه سبحانه خصّ المؤمنين بها بأنهم أهل السجود، وهذا من أحسن الاستدلال وأقربه، فلم يؤمن بقوله تعالى:
{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} إلا من التزم إقامتها.
الدليل العاشر: قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ. وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ}[المرسلات: ٤٨، ٤٩]، ذكر هذا بعد قوله:{كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلاً إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ}، ثم توعدهم على ترك الركوع: وهو الصلاة إذا دعوا إليها، ولا يقال: إنما توعدهم على التكذيب، فإنه سبحانه وتعالى إنما أخبر عن تركهم لها وعليه وقع الوعيد.
على أنا نقول لا يصر على ترك الصلاة إصرارا مستمرا من يصدق بأن الله أمر بها أصلا، فإنه يستحيل في العادة والطبيعة أن يكون الرجل مصدقًا تصديقًا جازمًا أن الله فرض عليه كل يوم وليلة خمس صلوات، وأنه يعاقبه على تركها أشدّ العقاب، وهو مع ذلك مصرٌ على تركها، هذا من المستحيل قطعًا، فلا يحافظ على تركها مصدقٌ بفرضها أبدًا فإن الايمانَ يأمر صاحبَه بها، فحيث لم يكن في قلبه ما يأمر بها،