للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والعاقل على غَيره، وَالسَّمَاء على الأَرْض، وَالشَّمْس على الْقَمَر، والغيب على الشَّهَادَة، وَأَشْبَاه ذَلِك

وَمِنْهَا: السَّبق، كتقديم اللَّيْل على النَّهَار، والظلمات على النُّور، وآدَم على نوح عَلَيْهِمَا السَّلَام، وَهُوَ على إِبْرَاهِيم، وَهُوَ على مُوسَى، وَهُوَ على عِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام

هَذَا بِاعْتِبَار الإيجاد، وَأما بِاعْتِبَار الْإِنْزَال، فكقوله تَعَالَى: {صحف إِبْرَاهِيم ومُوسَى} {وَأنزل التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل من قبل هدى للنَّاس وَأنزل الْفرْقَان}

وَأما بِاعْتِبَار الْوُجُوب والتكليف فكتقديم الرُّكُوع على السُّجُود، وَغسل الْوُجُوه على الْأَيْدِي، والصفا على الْمَرْوَة، وَكَذَا جَمِيع الْأَعْدَاد، كل مرتبَة مِنْهَا مُتَقَدّمَة على مَا فَوْقهَا بِالذَّاتِ، وَأما مثنى وفرادى فللحث على الْجَمَاعَة

وَمِنْهَا: الْكَثْرَة كتقديم الْكَافِر على الْمُؤمن، وَالسَّارِق على السارقة، وَالزَّانِي على الزَّانِيَة، وَالرَّحْمَة على الْعَذَاب، والموتى على الْقَتْلَى بِاعْتِبَار كَثْرَة المحشور الْمَيِّت من الْمَقْتُول، وَبِالْعَكْسِ بِاعْتِبَار كَون الْمَقْتُول أَحَق بالمغفرة

وَمِنْهَا: الترقي من الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى كَقَوْلِه تَعَالَى: {ألهم أرجل يَمْشُونَ بهَا أم لَهُم أيد يبطشون بهَا}

وَمن هَذَا النَّوْع تَأْخِير الأبلغ كتقديم الرَّحْمَن على الرَّحِيم، والرؤوف على الرَّحِيم، وَالرَّسُول على النَّبِي

وَمِنْهَا: التدلي من الْأَعْلَى إِلَى الْأَدْنَى كتقديم السّنة على النّوم، وَالصَّغِير على الْكَبِير وَنَحْو ذَلِك

وَمن الْأَسْبَاب كَون التَّقْدِيم أدل على الْقُدْرَة وأعجب كَقَوْلِه تَعَالَى: {فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه} وَقَوله: {وسخرنا مَعَ دَاوُد الْجبَال يسبحْنَ وَالطير}

وَمِنْهَا: الْمُنَاسبَة لسياق الْكَلَام

وَمِنْهَا: رِعَايَة الفواصل، وإفادة الْحصْر والاختصاص، وَتَقْدِيم الْمَعْمُول على الْعَامِل نَحْو: {أَهَؤُلَاءِ إيَّاكُمْ كَانُوا يعْبدُونَ}

وَتَقْدِيم مَا هُوَ مُتَأَخّر فِي الزَّمَان نَحْو: {فَللَّه الْآخِرَة وَالْأولَى} والفاضل على الْأَفْضَل نَحْو: {بِرَبّ هَارُون ومُوسَى} وَالضَّمِير على مَا يفسره نَحْو: {فأوجس فِي نَفسه خيفة مُوسَى} وَالصّفة الْجُمْلَة على الصّفة الْمُفْرد نَحْو: {وَنخرج لَهُ يَوْم الْقِيَامَة كتابا يلقاه منشورا}

وَتَقْدِيم بعض المعمولات على الْبَعْض لَا يكون إِلَّا بِكَوْن ذَلِك الْبَعْض أهم، لَكِن يَنْبَغِي أَن يُفَسر وَجه الْعِنَايَة بِشَأْنِهِ وَيعرف لَهُ معنى وَلَا يَكْفِي أَن يُقَال: قدم للعناية والاهتمام من غير أَن يذكر من أَيْن كَانَت تِلْكَ الْعِنَايَة، وَبِمَ كَانَ أهم فَفِي تَقْدِيم الْفَاعِل يُقَال: قدم لكَون ذكره أهم إِمَّا لِأَنَّهُ فِي

<<  <   >  >>