والخفيف: يُقَال تَارَة بِاعْتِبَار المضايقة بِالْوَزْنِ، وَتارَة بِاعْتِبَار مضايقة الزَّمَان نَحْو (فرس خَفِيف) ، و (فرس ثقيل) : إِذا عدا أَحدهمَا أَكثر من الآخر فِي زمَان وَاحِد
وَقد يكون الْخَفِيف ذما، والثقيل مدحا، كمن فِيهِ طيش يُقَال فِيهِ: خَفِيف وَمن فِيهِ وقار يُقَال فِيهِ: ثقيل
[وَكَمن ثقل مِيزَانه نظرا إِلَى الْمُؤمنِينَ وَمن خف مِيزَانه نظرا إِلَى الْكفَّار، لكنه مَحْمُول على لَازم الخفة وَهُوَ عدم الِاعْتِدَاد جمعا بَين الْأَدِلَّة، وَمَا ورد فِي بعض الْأَخْبَار من ميزَان الْكفَّار يحمل على تمييزهم لتفاوتهم فِي الْعَذَاب
{وَلَا نُقِيم لَهُم يَوْم الْقِيَامَة وزنا} أَي نَافِعًا؛ أَو فِي حق منكري الْحَشْر]
والثقيل من الْكَلِمَات: مَا كثرت مدلولاته ولوزامه، كالفعل، فَإِن مدلولاته الْحَدث وَالزَّمَان، ولوازمه الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالتَّصَرُّف وَغير ذَلِك
والخفيف من الْكَلِمَات: مَا قل فِيهِ ذَلِك، كالاسم، فَإِنَّهُ يدل على مُسَمّى وَاحِد، وَلَا يلْزمه غَيره فِي تحقق مَعْنَاهُ وَلِهَذَا خصت تَاء التَّأْنِيث الساكنة بِالْفِعْلِ والمتحركة بِالِاسْمِ، لِأَن السّكُون أخف من الْحَرَكَة وَخص الضَّم بمضارع الرباعي، وَالْفَتْح بمضارع الثلاثي، لِأَن الرباعي أقل وَالضَّم أثقل، فَجعل الأثقل للأقل والأخف للْأَكْثَر وألحقت التَّاء عدد الْمُذكر، وأسقطت من عدد الْمُؤَنَّث لثقل الْمُؤَنَّث وخفة الْمُذكر
وحذفت الْيَاء وَالتَّاء فِي بَاب (فعيلة) فِي النّسَب نَحْو: (حنيفَة) و (حَنَفِيّ) بِخِلَاف الْمُذكر، كل ذَلِك للتعادل وَقد كَانَ النّظم الْجَلِيل مُشْتَمِلًا على الفصيح والأفصح والمليح والأملح ف (تتلو) أحسن من (تقْرَأ) لثقل الْهمزَة؛ و (لَا ريب) من (لَا شكّ) لثقل الْإِدْغَام؛ و (وَهن) من (ضعف) لثقلة الضمة؛ و (آمن) أخف من (صدق) ؛ و (أنذر) أخف من (خوف) ؛ و (نكح) أخف من (تزوج) إِلَى غير ذَلِك فَكل مَا كَانَ أخف كَانَ ذكره أَكثر
الثَّنَاء: هُوَ مَأْخُوذ من الثني، وَهُوَ الْعَطف ورد الشَّيْء بعضه على بعض وَمِنْه ثنيت الثَّوْب: إِذا جعلته اثْنَيْنِ بالتكرار وبالإمالة والعطف؛ فَذكر الشَّيْء مرَّتَيْنِ يتَنَاوَل أَحدهمَا مَا لم يتَنَاوَلهُ الآخر
وهلم جرا بِمَنْزِلَة جعله اثْنَيْنِ؛ فَأطلق اسْم الثَّنَاء على تكْرَار ذكر الشَّيْء لشيئين
وَمِنْه التَّثْنِيَة فِي الِاسْم؛ فالمثنى مُكَرر لمحاسن من يثني عَلَيْهِ مرّة بعد أُخْرَى
وَهُوَ الْكَلَام الْجَمِيل وَقيل: هُوَ الذّكر بِالْخَيرِ، وَقيل: يسْتَعْمل فِي الْخَيْر وَالشَّر على سَبِيل الْحَقِيقَة وَعند الجهور حَقِيقَة فِي الْخَيْر ومجاز فِي الشَّرّ على ضرب من التَّأْوِيل والمشاكلة والاستعارة التهكمية
[الثنا] : وَقيل بِتَقْدِيم النُّون وَالْقصر هُوَ الذّكر بِالشَّرِّ
وَقيل: الثَّنَاء هُوَ الْإِتْيَان بِمَا يشْعر التَّعْظِيم مُطلقًا، سَوَاء كَانَ بِاللِّسَانِ أَو بالجنان أَو بالأركان؛ وَسَوَاء كَانَ فِي مُقَابلَة شَيْء أَو لَا، فَيشْمَل الْحَمد وَالشُّكْر والمدح، وَهُوَ الْمَشْهُور بَين الجهور وَالْمَفْهُوم من " الْكَشَّاف " وَغَيره فعلى هَذَا قيد بِاللِّسَانِ لدفع احْتِمَال التَّجَوُّز، أَعنِي إِطْلَاق الثَّنَاء على مَا لَيْسَ