للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزَّنَادِقَة أَرْبَعَة عشر ألف حَدِيث يُخَالف الْمَعْقُول تنفيرا للعقلاء عَن شَرِيعَته، أَو غلط من الرَّاوِي كَأَن يُرِيد النُّطْق بِكَلِمَة فَيَسْبق لِسَانه إِلَى النُّطْق بغَيْرهَا

أَو غير ذَلِك، كوضع الخطابية أَحَادِيث نصْرَة لآرائهم، وكوضع الكرامية أَحَادِيث فِي التَّرْغِيب فِي الطَّاعَة والترهيب عَن الْمعْصِيَة، وَكِلَاهُمَا رَاجع إِلَى الافتراء وَعدم شهرة الحَدِيث فِيمَا فِيهِ [عُمُوم] بلوى دَلِيل الافتراء بِهِ أَو دَلِيل النّسخ

والْحَدِيث المتعبد بِلَفْظِهِ، كالأذان وَالتَّشَهُّد وَالتَّكْبِير وَالتَّسْلِيم، وَكَذَا الحَدِيث الْمُتَشَابه وَالَّذِي هُوَ من جَوَامِع الْكَلم الَّتِي أوتيها نَحْو: " الْخراج بِالضَّمَانِ " و " العجماء جَبَّار " لَا يجوز نقلهَا بِغَيْر ألفاظها إِجْمَاعًا

وَاخْتلف فِيمَا سوى ذَلِك وَالْأَكْثَر من الْعلمَاء وَمِنْهُم الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة على جَوَاز نقل الحَدِيث بِالْمَعْنَى للعارف بمدلولات الْأَلْفَاظ ومواقع الْكَلَام من الْخَبَر والإنشاء فَيَأْتِي بِلَفْظ بدل لفظ النَّبِي مسَاوٍ لَهُ فِي الْمَعْنى جلاء وخفاء من غير زِيَادَة فِي الْمَعْنى وَلَا نقص، لِأَن الْمَقْصُود هُوَ الْمَعْنى وَاللَّفْظ آلَة لَهُ وَمن أقوى حجتهم الْإِجْمَاع على جَوَاز شرح الشَّرِيعَة للعجم بلسانهم للعارف بِهِ

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: إِن نسي اللَّفْظ جَازَ، وَإِلَّا فَلَا

وَقيل بِجَوَازِهِ بِلَفْظ مرادف، وَقيل بِجَوَازِهِ وَإِن كَانَ مُوجبه عَاما، وَقيل يمْنَع مُطلقًا

(وَقَالَ بَعضهم: جَوَاز النَّقْل بِالْمَعْنَى فِيمَا إِذا كَانَ اللَّفْظ ظَاهرا مُفَسرًا، فَأَما إِذا كَانَ اللَّفْظ مُشْتَركا أَو مُجملا أَو مُشكلا فَلَا يجوز إِقَامَة لفظ آخر مقَامه بِالْإِجْمَاع، لِأَن فِيهِ احْتِمَال الِاخْتِلَاف بِالْمَعْنَى)

وَقَالَ القَاضِي عِيَاض: يَنْبَغِي سد بَاب الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى لِئَلَّا يتسلط من لَا يحسن مِمَّن يظنّ أَنه يحسن، كَمَا وَقع لكثير من الروَاة قَدِيما وحديثا

ويحتج بقول الصَّحَابِيّ: " قَالَ النَّبِي كَذَا "، وَهُوَ الصَّحِيح وَكَذَا بقوله: " عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ كَذَا "، على الْأَصَح وَكَذَا بقوله: " إِن النَّبِي قَالَ كَذَا "

[وَقَول الصَّحَابِيّ فِيمَا لَا طَرِيق إِلَى مَعْرفَته إِلَّا خبر النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي قُوَّة الرّفْع إِلَى النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام]

وَاخْتلفُوا فِي (إِن) بِالنِّسْبَةِ إِلَى غير الصَّحَابِيّ، وَالْجُمْهُور على أَن (عَن) و (إِن) سَوَاء إِذا ثَبت السماع واللقاء

وإيراد الحَدِيث بِلَفْظ (عَن) من غير تَصْرِيح بِالسَّمَاعِ يُسمى عِنْد الْمُحدثين العنعنة

وَاشْترط فِي نقل الحَدِيث الْقِرَاءَة على الشَّيْخ لخوف أَن يدْخل فِي الحَدِيث مَا لَيْسَ مِنْهُ، أَو يَقُول على النَّبِي مَا لم يقلهُ، بِخِلَاف الْقُرْآن فَإِنَّهُ مَحْفُوظ متلقى متداول ميسر فَكل من يسمع من لفظ مُحدث يحدثه يَقُول: حَدثنِي فلَان؛ وَإِن كَانَ مَعَه أحد يَقُول: حَدثنَا فلَان؛ وَلَو قَرَأَ على الْمُحدث بِنَفسِهِ يَقُول: أَخْبرنِي؛ وَإِن قرئَ على الْمُحدث وَهُوَ حَاضر يَقُول: أخبرنَا

وَلَو عرض المستفيد كتابا أَو جُزْءا على الْمُحدث وروى الْمُحدث عَنهُ أَنه سَمَاعه أَو قِرَاءَته أَو تصنيفه فَيَقُول للمستفيد: أجزت لَك أَن تروي عني مَا فِي هَذَا الْكتاب فَإِذا روى المستفيد ذَلِك الْكتاب

<<  <   >  >>