للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَقُول: أنبأني فلَان؛ وَإِن لم يقل للمستفيد ارو عني هَذَا الْكتاب، بل كتب من مَدِينَة إِلَى مَدِينَة أَنِّي أجزت لفُلَان أَن يروي عني كتابي الْفُلَانِيّ، أَو كتب إِلَيْهِ: يَا فلَان ارو عني الْكتاب الْفُلَانِيّ فَيَقُول إِذا روى ذَلِك الْكتاب: كتب إِلَيّ فلَان وَأَجَازَ لي أَن أروي هَذَا الْكتاب

وَلَو قَالَ الْمُحدث مشافهة: أجزت لَك أَن تروي عني الْكتاب الْفُلَانِيّ من غير أَن يدْفع ذَلِك الْكتاب إِلَيْهِ بِيَدِهِ يَقُول المستفيد: أجازني فلَان، وَلَو قَالَ: أنبأني جَازَ أَيْضا وَيُقَال للنوع الأول: السماع، وَللثَّانِي: الْإِخْبَار، وللثالث: الْعرض والمناولة، وللرابع: الْكِتَابَة، وللخامس: الْإِجَازَة وَالْأول أقوى ثمَّ الثَّانِي ثمَّ الثَّالِث ثمَّ الرَّابِع ثمَّ الْخَامِس

وَفِي " ثمار اليوانع " أَلْفَاظ الرَّاوِي فِي عرض المناولة أَن يَقُول: ناولني فلَان كَذَا، أَو أجازني مَا فِيهِ أَو يَقُول: أَخْبرنِي أَو حَدثنِي مناولة، وَهَذَا مُتَّفق عَلَيْهِ

فَإِن اقْتصر على (حَدثنِي) أَو (أَخْبرنِي) امْتنع فِي الْأَصَح

وَالْمُكَاتبَة: هِيَ أَن يكْتب الشَّيْخ شَيْئا من حَدِيثه، أَو يَأْمر غَيره بكتابته عَنهُ إِمَّا لحاضر عِنْده أَو لغَائِب عَنهُ اقتران بهَا إجَازَة فَهِيَ كالمناولة المقرونة بِالْإِجَازَةِ فِي الصِّحَّة وَالْقُوَّة، وَإِن تجردت عَن الْإِجَازَة صحت أَيْضا وَكَانَت أقوى الْإِجَازَة، وَجزم بذلك فِي " الْمَحْصُول "

وَتجوز الْإِجَازَة لمعدوم كَقَوْلِه: أجزت لفُلَان وَلمن يُولد لَهُ مَا تَنَاسَلُوا

وانعقد الْإِجْمَاع على منع إجَازَة من يُوجد مُطلقًا من غير تَقْيِيد بِنَسْل فلَان، لِأَنَّهَا فِي حكم إجَازَة مَعْدُوم لمعدوم

والشائع عِنْد الْمُحدثين تَخْصِيص التحديث بِالسَّمَاعِ، والإخبار بِمَا يقْرَأ على الشَّيْخ، لَكِن الإِمَام البُخَارِيّ والمغاربة على عدم الْفرق، وَهُوَ الْمَذْهَب عِنْد فُقَهَاء الْحَنَفِيَّة، بل جَازَ جَمِيع الصِّيَغ فِي صُورَة الْإِجَازَة أَيْضا على مَا يُسْتَفَاد من تَقْرِير الشَّيْخ فِي " شرح البُخَارِيّ " لَكِن الْجَزرِي جعل هَذَا التجويز ضَعِيفا، إِلَّا أَنه لَا يَصح تَغْيِير (حَدثنَا) أَو (أخبرنَا) بِالآخِرَة فِي الْكتب الْمُؤَلّفَة

وَلَو قَالَ مُحدث: لَا ترو هَذَا عني، فَإِنَّهُ يروي يروي عَنهُ، لِأَنَّهُ روى مَا سمع، كالمشهور عَلَيْهِ إِذا قَالَ: لَا تشهد عَليّ بِهَذَا الْإِقْرَار

وَلَو قَالَ: لَيْسَ هَذَا حَدِيثي، لَا يروي عَنهُ، لِأَنَّهُ أنكر الرِّوَايَة وَلَو قَالَ بعد ذَلِك، اروه عني جَازَ لَهُ أَن يروي عَنهُ

وَالْأَعْمَى إِذا سمع الحَدِيث فَلهُ أَن يروي فَإِن قَتَادَة ولد أعمى وَقد روى أَحَادِيث كَثِيرَة عَن أنس ابْن مَالك وَعَن غَيره وهم قبلوا رِوَايَته، وَلَو قَرَأَ الْأَحَادِيث على عَالم وَهُوَ يسمع ذَلِك إِلَّا أَنه ذهب عَن سَمعه من الْوسط كَلِمَات فَلَمَّا فرغ مِنْهُ قَالَ لَهُ الْقَارئ ارو عني مَا قَرَأت عَلَيْهِ حل لَهُ أَن يروي عَنهُ تِلْكَ الْأَحَادِيث كالشاهد إِذا قرئَ عَلَيْهِ الصَّك فَسمع بعضه وَذهب عَنهُ بعضه جَازَ لَهُ أَن يشْهد بِمَا فِي الصَّك لِأَنَّهُ قرئَ عَلَيْهِ وَأقر الْمقر بذلك فَشهد على ذَلِك

وَيُقَال: أخرج فلَان فِي مُسْنده عَن فلَان بن فلَان، قَالَ: (كَانَ يَقُول) وَلَفظ (كَانَ يَقُول) حكمه الرّفْع، فَإِن صدر من صَحَابِيّ كَانَ مَرْفُوعا، أَو من تَابِعِيّ فمرفوع مُرْسل

وَإِذا قَالَ الصَّحَابِيّ: من السّنة كَذَا فَهُوَ كَقَوْلِه (قَالَ رَسُول الله) هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الصَّحِيح الْمُخْتَار

<<  <   >  >>