[وَذكروا الْقُرْآن] صرح بِهِ ابْن مَسْعُود [رَضِي الله عَنْهُمَا] ، وَالْمرَاد أَنه إِذا احْتمل اللَّفْظ التَّذْكِير والتأنيث وَلم يحْتَج فِي التَّذْكِير إِلَى مُخَالفَة الْمُصحف فَذكره نَحْو: {وَلَا يقبل مِنْهَا شَفَاعَة} ]
والذكور: جمع الذّكر الَّذِي هُوَ خلاف الْأُنْثَى
والمذاكير: جمع الذّكر الَّذِي هُوَ الْعُضْو الْمَخْصُوص وَهُوَ جمع على غير قِيَاس والمذكر: الْمَرْأَة الَّتِي ولدت مذكراً. الذَّبِيحَة: هُوَ مَا سيذبح من النعم، فَإِنَّهُ نقل عَن الوصفية إِلَى الاسمية، إِذْ الذَّبِيح مَا ذبح، كَمَا فِي " الرضي " وَغَيره، فَلَيْسَ الذَّبِيحَة المذكاة كَمَا ظن، وَمن الظَّن أَيْضا أَن أُرِيد بالذبيحة مَقْطُوع الرَّأْس، وبالتذكية مَقْطُوع الْأَوْدَاج، بل التذكية الذّبْح لُغَة، وَالِاسْم: الذَّكَاة وتسييل الدَّم النَّجس شرعا
وَالْمرَاد بالذبيحة ذبح الذباح، بِالْفَتْح، فَإِنَّهُ لُغَة الشق، وَشَرِيعَة: قطع الْحُلْقُوم من بَاطِن عِنْد الفصيل، وَهُوَ مفصل مَا بَين الْعُنُق وَالرَّأْس، ثمَّ إِن الذّبْح لَو صدر من أَهله فِي مَحَله تحل ذَبِيحَته وَلَو كَانَ نَاسِيا للتسيمة عندنَا، [إِذْ النَّاسِي لَيْسَ بتارك، بل هُوَ ذَاكر شرعا، إِذْ الشَّرْع فِي هَذِه الْحَالة أَقَامَ الْملَّة مقَام الذّكر تَخْفِيفًا عَلَيْهِ كَمَا أَقَامَ الْأكل نَاسِيا مقَام الْإِمْسَاك فِي الصَّوْم] وَقَالَ عَطاء رَضِي الله عَنهُ: كل مَا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ من طَعَام وشراب فَهُوَ حرَام متمسكا بِعُمُوم مَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لم يذكر اسْم الله عَلَيْهِ وَإنَّهُ لفسق} وَلما احْتمل أَن يكون مجَازًا عَن الذّبْح خصها غَيره بالذبيحة ليساق الْآيَة، فَقَالَ مَالك: مَتْرُوك التَّسْمِيَة من الذَّبَائِح عمدا أَو سَهوا حرَام، وَقَالَ الشَّافِعِي: مَتْرُوك التَّسْمِيَة حَلَال عمدا أَو سَهوا، وَلما احْتمل أَيْضا أَن يكون المُرَاد التَّلَفُّظ بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الذّبْح حمل عَلَيْهِ الْحَنَفِيَّة، وَخص مِنْهُم النَّاسِي لَهَا فَتحل ذَبِيحَته، لِأَن الْكَلَام إِذا احْتمل أَن يكون فِيهِ تَخْصِيص ومجاز فَحَمله على التَّخْصِيص أولى، لِأَن دلَالَة الْعَام على أَفْرَاده بعد التَّخْصِيص يحْتَمل أَن تكون حَقِيقَة، وَدلَالَة الْمجَاز على مَعْنَاهُ الْمجَازِي لَا تحْتَمل ذَلِك لكَونه خلاف الْإِجْمَاع، والحقيقة راجحة على الْمجَاز، والمحتمل للراجح رَاجِح وَاسْتدلَّ الشَّافِعِي بِوُجُوه مِنْهَا: أَن الْوَاو فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ لفسق} للْحَال، فَتكون جملَة الْحَال مفيدة للنَّهْي، وَالْمعْنَى: لَا تَأْكُلُوا فِي حَالَة كَونه فسقا، وَمَفْهُومه جَوَاز الْأكل إِذا لم يكن فسقا، وَالْفِسْق قد فسره الله تَعَالَى بقوله: {أَو فسقا أهل لغير الله بِهِ} إِذْ الْمَعْنى: وَلَا تَأْكُلُوا مِنْهُ إِذا سمي عَلَيْهِ غير الله، وَمن هُنَا خص الْآيَة بالميتة وذبيحة الْمُشْركين، فَإِن المجادلة إِنَّمَا كَانَت فِي الْميتَة، فَإِن الْمُشْركين قَالُوا: كَيفَ يَأْكُلُون مَا قَتله الصَّقْر والبازي وَلَا يَأْكُلُون مَا قَتله الله؟
وَقد أنكر أَبُو حنيفَة المفاهيم الْمُخَالفَة لمنطوقاتها كلهَا فَلم يحْتَج بِشَيْء مِنْهَا فِي كَلَام الشَّارِع فَقَط كَمَا نَقله ابْن الْهمام فِي تحريره، فَإِن مَفْهُوم
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute