للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النعم، وَقدم الرَّحْمَن وَأَرْدَفَ بالرحيم كالتتمة تَنْبِيها على أَن الْكل مِنْهُ لِئَلَّا يتَوَهَّم أَن محقرات النعم لَا تلِيق بجنابه، فَلَا تطلب من بَابه، وَفِي " الْجَوْهَرِي ": هما بِمَعْنى وَيجوز تَكْرِير الاسمين إِذا اخْتلف اشتقاقهما تَأْكِيدًا، قيل: جَمِيع أَسمَاء الله ثَلَاثَة أَسمَاء: الذَّات، وَأَسْمَاء الْأَفْعَال، وَأَسْمَاء الصِّفَات، فالتسمية مُشْتَمِلَة على أفضل كل مِنْهَا، وَقيل: كِلَاهُمَا من الصِّفَات الفعلية، وَقيل: من الصِّفَات الذاتية، وَقد أَشَارَ الله تَعَالَى إِلَى الرَّحْمَة الفعلية بقوله: {وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة} لِأَن الصّفة الذاتية لَا توهب، وَأحسن مَا يُقَال فِي جمع الوصفين فِي الْبَسْمَلَة أَن (فعلان) مُبَالغَة فِي كَثْرَة الشَّيْء، وَلَا يلْزم مِنْهُ الدَّوَام ك (غَضْبَان) ، و (فعيل) لدوام الْوَصْف ك (ظريف) فَكَأَنَّهُ قَالَ: الْكثير الرَّحْمَة الدائمها، وَقَالَ بَعضهم: مدلولهما وَاسع

الرَّحِيم: رَاحِم الْكل، أحَاط الصُّور والاسرار مراحمه، وَعم الألواح والأرواح مكارمه وَالْأول أَعم مدلولا صَدره لما صَار كَالْعلمِ لله

الرَّجَاء: بِالْمدِّ: الطمع فِيمَا يُمكن حُصُوله، ويرادفه الأمل، وَيسْتَعْمل فِي الْإِيجَاب وَالنَّفْي قَالَ الله تَعَالَى: {وترجون من الله مَا لَا يرجون}

و [الرجا] ، بِالْقصرِ: جَانب الْبشر قَالَ:

(كم من حقير فِي رجا ... بِئْر لمنقطع الرجا)

والرجاء بِمَعْنى الْخَوْف يسْتَعْمل فِي النَّفْي فَقَط نَحْو: {مالكم لَا ترجون لله وقارا} لكنه يرد {وارجوا الْيَوْم الآخر}

والترجي: ارتقاب شَيْء لَا وثوق بحصوله

وَالتَّمَنِّي: محبَّة حُصُول الشَّيْء سَوَاء كَانَ ينتظره ويترقب حُصُوله أَولا، (فيستوي فِي حيزه (إِن) و (لَو)

والترجي فِي الْقَرِيب

وَالتَّمَنِّي فِي الْبعيد

وَالتَّمَنِّي فِي المعشوق للنَّفس

والترجي فِي غَيره

وَالْفرق بَين التَّمَنِّي وَالْعرض هُوَ الْفرق بَينه وَبَين الترجي

وَالتَّمَنِّي نوع من الطّلب إِلَّا أَن الطّلب يكون بِاللِّسَانِ، وَالتَّمَنِّي شَيْء يهجس فِي الْقلب يقدره المتمني

وَالتَّمَنِّي مُغَاير للقصد والتصديق، فَإِن الْقَصْد نوع من الْإِرَادَة، والتصديق نوع من الْعلم، بل الوجدان كَاف فِي الْفرق

والتوقع أقوى من الطمع، والطمع ارتقاب

<<  <   >  >>