فَلَا يكون فعل الْفَاضِل زلَّة] وَقَوله تَعَالَى:{مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ أسرى} حَيْثُ لم يواجهه بالعبارة الصَّرِيحَة، بل بِصُورَة الْغَيْبَة على طَرِيق النَّصِيحَة غَايَة مَا يُقَال أَنه وَقع ترك الأولى فيهمَا، وَلَيْسَ من هَذَا الْقَبِيل قَوْله تَعَالَى:{لم تحرم مَا أحل الله لَك} إِذْ لَا قَائِل بِأَن الْمُبَاشرَة للجاربة أَو شرب الْعَسَل كَانَ أولى من تَركهمَا لِأَن كل وَاحِد من الْأَمريْنِ من قبيل الْمُبَاح الَّذِي لَا حرج فِي فعله وَلَا فِي تَركه، وإنماقيل لَهُ هَكَذَا رفقا بِهِ وشفقة عَلَيْهِ، فَيكون التَّحْرِيم بِمَعْنى الِامْتِنَاع من الِانْتِفَاع بِالْأَمر الْمُبَاح لتطييب خواطر الْأزْوَاج الطاهرات اللَّاتِي قابلنه بالمخالفة فِيمَا يسوؤه حَتَّى أَلْجَأَهُ إِلَى الِامْتِنَاع من الِانْتِفَاع بِمَا أحله الله تَعَالَى {ووضعنا عَنْك وزرك} كَانَ قبل النُّبُوَّة، أَو من ترك الأولى [وَالأَصَح صرف الْوزر إِلَى أثقال الرسَالَة]
{واستغفر لذنبك} : أَي لما يتَصَوَّر عنْدك أَنه تَقْصِير
و {ليغفر لَك الله مَا تقدم من ذَنْبك وَمَا تَأَخّر} : من بَاب الِاسْتِعَارَة التمثيلية من غير تحقق مَعَاني الْمُفْردَات، فَالْمَعْنى أَنَّك مغْفُور غير مَأْخُوذ بذنب أَن لَو كَانَ
وَمثله الإِمَام بقَوْلهمْ (اضْرِب من لقِيت وَمن لَا تَلقاهُ) مَعَ أَن من لَا تَلقاهُ لَا يمكنك ضربه [وَمثله قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تنْكِحُوا مَا نكح آباؤكم من النِّسَاء إِلَّا مَا قد سلف} يَعْنِي إِن أمكنكم أَن تنْكِحُوا، والمصدر يجوز إِضَافَته إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول فَالْمَعْنى: ليغفر لِأَجلِك وَلأَجل بركتك مَا تقدم من ذنبهم فِي حَقك وَمَا تَأَخّر وَيقرب مِنْهُ قَوْله تَعَالَى: {وَمَا كَانَ الله لعذبهم وَأَنت فيهم} ]
(وَالْمرَاد مِنْهُ الْعُمُوم فَكَذَا هَهُنَا)
وَالْحق أَن الْعِصْمَة لَا ترفع النَّهْي، وَقد كَانَ الله يحذر نبيه من اتِّبَاع الْهوى أَكثر مِمَّا يحذر غَيره، لِأَن ذَا الْمنزلَة الرفيعة إِلَى تَجْدِيد الْإِنْذَار أحْوج حفظا بِمَنْزِلَتِهِ وصيانة بمكانته وَقد قيل: حق الْمرْآة المجلوة أَن يكون تعهدها أكئر إِذا كَانَ قَلِيل من الصدأ عَلَيْهَا أظهر
والعصة: تعم الذَّات كلهَا
وَالْحِفْظ: يتَعَلَّق بالجوارح مُطلقًا (وعصم الكوافر: مَا يعتصم بِهِ الكافرات من عقد وَسبب)