وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام [وَفِي " الإتقان ": أصح الْأَقْوَال أَنهم سيدنَا نوح وَسَيِّدنَا إِبْرَاهِيم وَسَيِّدنَا مُوسَى وَسَيِّدنَا عِيسَى وَسَيِّدنَا ومولانا مُحَمَّد عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام نظم بعض الأدباء:
(أولو الْعَزْم نوح والخليل بن آزر ... ومُوسَى وَعِيسَى والحبيب مُحَمَّد] )
العوذ: الالتجاء والاستجارة
فَمَعْنَى أعوذ بِاللَّه: أَي ألتجىء إِلَى رَحمته وعصمته و [العوذ] : الإلصاق أَيْضا
يُقَال: أطيب اللَّحْم عوذه: وَهُوَ مَا ألصق مِنْهُ بالعظم، وعَلى هَذَا مَعْنَاهُ ألصق نَفسِي بِفضل الله وَرَحمته و (من) بعده إِمَّا للابتداء كَمَا فِي قَوْله: {ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} وَأما للانتقال كَمَا فِي قَوْله: {وَمَا هم بِخَارِجِينَ مِنْهَا} وَإِمَّا للتعدية فَإِن وُقُوع هَذَا الْفِعْل على الِاسْم الْمَذْكُور بعده مُخْتَصّ بِهَذِهِ الْكَلِمَة لُغَة وَتَحْقِيق الْمَعْنى الأول وَالثَّانِي أَن العوذ يبْدَأ بالانفصال من الشَّيْطَان، وَيتم بالاتصال بِاللَّه، وَهُوَ انْتِقَال من غير الله إِلَى الله [وَهُوَ دُعَاء بِلَفْظ الْخَبَر وَلَيْسَ من الْقُرْآن] وَيقْرَأ قبل الْقِرَاءَة بِمُقْتَضى الْخَبَر، وَبعدهَا بِمُقْتَضى الْقُرْآن جمعا بَين الدَّلَائِل بِقدر الْإِمْكَان
وَهُوَ فِي الصَّلَاة للْقِرَاءَة عِنْد أبي حنيفَة وَمُحَمّد بِدَلِيل قَوْله: {فَإِذا قَرَأت الْقُرْآن فاستعذ بِاللَّه} فَلَا يتَعَوَّذ الْمُؤْتَم عِنْدهمَا إِذْ لَا قِرَاءَة عَلَيْهِ
وللصلاة عِنْد أبي يُوسُف لعدم التكرر بِالْقِرَاءَةِ، فَعنده يتَعَوَّذ الْمُؤْتَم لِأَنَّهُ للصَّلَاة وَقدم الْعَامِل فِيهِ خلاف التَّسْمِيَة للاهتمام كَمَا فِي {اقْرَأ باسم رَبك} وَهُوَ دُعَاء بِلَفْظ الْخَبَر وَلَيْسَ من الْقُرْآن
وَأما الْبَسْمَلَة فقرآنيتها أَوَائِل السُّور ثَابِتَة ظنا لَا قطعا، والتواتر فِي نَفيهَا لاثباتها أَيْضا مَمْنُوع لعدم انطباق ضَابِط التَّوَاتُر عَلَيْهِ، إِذْ هُوَ خبر جمع يمْتَنع عَادَة توافقهم على الْكَذِب، وَيكون خبرهم عَن محسوس لَا عَن مَعْقُول وَلَا معَارض هُنَاكَ، وفيهَا لم يبلغ كل وَاحِد من الطَّرفَيْنِ مبلغا يمْتَنع فِي الْعَادة التوافق على الْكَذِب فِي مثله، وَالْحَال أَن الْمعَارض مَوْجُود والنافي قَائِم فَلَا تصح دَعْوَى تَوَاتر ذَلِك، فَلَا يلْزم تَوَاتر المحكمين المتناقضين بِالنَّفْيِ وَالْإِثْبَات وَلَئِن سلم فالشيء قد يتواتر عِنْد قوم دون آخَرين، بل الْمُتَوَاتر فِي طبقَة قد يكون آحادا فِي غَيرهَا كَمَا فِي الْقِرَاءَة الشاذة فِي بعض موَاضعهَا، فَإِنَّهُ متواترفي الطَّبَقَة الأولى فَيكون من الْمُتَوَاتر الْمُخْتَلف فِيهِ؛ وَمثله لقُوَّة الشُّبْهَة لَا يكفر جاحده
وَذكر فَخر الْإِسْلَام الْبَزْدَوِيّ فِي " الْمَبْسُوط " أَن التَّسْمِيَة عندنَا آيَة من الْقُرْآن نزلت للفصل بَين السُّور، وَهُوَ الصَّحِيح من مَذْهَبنَا وَلِهَذَا كره مُحَمَّد الْقِرَاءَة {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم} على قصد الْقِرَاءَة لَا على قصد افْتِتَاح أمره لِأَنَّهَا آيَة تَامَّة غير الَّتِي فِي سُورَة النَّمْل فَإِنَّهَا بعض آيَة وَذكر أَبُو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute