للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يكن آمرا بالفحشاء لم يكن فَاعِلا لَهَا أصلا، وَأما على قَاعِدَة أهل الْحق فَلَا قَبِيح بِالنِّسْبَةِ الى الله تَعَالَى، بل الْأَفْعَال كلهَا بِالْقِيَاسِ إِلَيْهِ على سَوَاء، وَلَا يتَصَوَّر فِي أَفعاله الظُّلم، لِأَن الْكل مِنْهُ وَبِه وَإِلَيْهِ، وَله أَن يتَصَرَّف فِي الْأَشْيَاء كَمَا يَشَاء، وَإِنَّمَا يُوصف بالقبح وَالظُّلم ونظائرهما أَفعَال الْعباد بِاعْتِبَار كسبهم لَهَا وقيامها بهم، لَا بِاعْتِبَار إِيجَاد الله إِيَّاهَا فيهم كَمَا حقق فِي مَحَله والعبودية أقوى من الْعِبَادَة لِأَنَّهَا الرضى بِمَا يفعل الرب

وَالْعِبَادَة: فعل مَا يُرْضِي الرب

وَالْعِبَادَة تسْقط فِي العقبى، والعبودية لَا تسْقط] وعبدت الله بِالتَّخْفِيفِ، وعبدت الرجل بِالتَّشْدِيدِ: أَي اتخذته عبدا

الْعَزْم: عزم على الْأَمر: أَرَادَ فعله وَقطع عَلَيْهِ، أَو جد فِي الْأَمر [وَأما الْقَصْد فَإِنَّهُ اذا كَانَ كَافِيا فِي وجود الْمَوْجُود كَانَ مَعَه، وَإِذا لم يكن كَافِيا فِيهِ يتَقَدَّم عَلَيْهِ زَمَانا، وَقد يُقَال: معنى الْقَصْد إِلَى تَحْصِيل الشَّيْء والتأثير فِيهِ لَا يعقل إِلَّا حَال عدم حُصُوله، كَمَا أَن إيجاده لَا يعقل الا حَال حُصُوله وَإِن كَانَ سَابِقًا عَلَيْهِ بِالذَّاتِ

وَاخْتلف الْعُقَلَاء فِي أَن الْحَالة الَّتِي تظهرفي قلبنا قبل أَن نَفْعل شَيْئا أَو نتركه حَتَّى تَقْتَضِي الْفِعْل أَو التّرْك مَا هِيَ؟ فَقَالَ قوم من محققي الْمُعْتَزلَة: إِنَّهَا هِيَ الداعية، وَمن النَّاس من قَالَ: الْميل والإرادة حَالَة زَائِدَة على هَذِه الداعية، لِأَن الْميل يُوجد بِدُونِ هَذِه الداعية، فَإِن العطشان إِذا خير بَين شرب قدحين متساويين من المَاء فَلَا بُد أَن يحدث فِي قلبه ميل الى تَرْجِيح أَحدهمَا على الآخر، وَكَذَا مَتى علمنَا أَو اعتقدنا أَو ظننا اشْتِمَال الْفِعْل على الْمصلحَة يتَوَلَّد عَن ذَلِك الْعلم ميل ورغبة وترجيح وَيكون ذَلِك الْميل كالأمر اللَّازِم لذَلِك الْعلم، وكالأمر الْمُتَوَلد مِنْهُ، والداعي فِي فِي حق الله لَيْسَ إِلَّا الْعلم باشتمال ذَلِك الْفِعْل على مصلحَة راجحة لَا الِاعْتِقَاد وَالظَّن، فَإِنَّهُمَا ممتنعان على الْبَارِي تَعَالَى]

والعزيمة: اسْم لما هُوَ أصل من الْأَحْكَام غير مُتَعَلق بالعوارض

والرخصة: اسْم لما بني على أعذار الْعباد، وَهُوَ مايستباح مَعَ قيام الْمحرم

وأولو الْعَزْم من الرُّسُل: هم الَّذين عزموا على أَمر الله فِيمَا عهد إِلَيْهِم (أَو هم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى، وَمُحَمّد، عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام)

قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: هم أولو الْجد والثبات، أَو هم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، وَإِسْحَق، وَيَعْقُوب، ويوسف، وَأَيوب، ومُوسَى، وَدَاوُد، وَعِيسَى عَلَيْهِم السَّلَام

قَالَ بَعضهم: الْمُرْسل إِذا أعطي السَّيْف أَو الْجَبْر والإلحاح فِي الْجُمْلَة كَانَ من أولي الْعَزْم من الرُّسُل

وَقَالَ الْبَعْض: أولو الْعَزْم من الرُّسُل هم أَصْحَاب الشَّرَائِع اجتهدوا فِي تأسيسها وتقريرها، وصبروا على تحمل مشاقها ومعاداة الطاعنين فِيهَا ومشاهيرهم: نوح، وَإِبْرَاهِيم، ومُوسَى

<<  <   >  >>