للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يصرف إِلَى فَرد من الْمَاهِيّة أَو إِلَى كل الْأَفْرَاد، فَمنهمْ من ذهب إِلَى الْوَاحِد، وَالْأَكْثَرُونَ إِلَى الِاسْتِغْرَاق محتجين بِأَن اخْتِصَاص فَرد بِلَا مُخَصص لَا يجوز، وبصحة الِاسْتِثْنَاء فِي قَوْله تَعَالَى: {إِن الْإِنْسَان لفي خسر إِلَّا الَّذين آمنُوا} وبالإجماع على أَن المُرَاد بقوله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة} ، {وَأحل الله البيع وَحرم الرِّبَا} الِاسْتِغْرَاق إِذا تقرر هَذَا فَاعْلَم أَن اللَّام إِذا دخلت على اسْم من الْأَسْمَاء فَلَا معنى لَهَا سوى الْإِشَارَة إِلَى تعْيين مُسَمَّاهُ، وَتلك الْإِشَارَة هِيَ تَعْرِيف الْجِنْس، ثمَّ إِنَّه إِمَّا أَن يُوجد هُنَاكَ قرينَة مَا أَو لَا فعلى الثَّانِي تسمى لَام الْحَقِيقَة، وعَلى الأول إِمَّا أَن تكون قرينَة الْخُصُوص الْخَارِجِي أَو لَا فعلى الأول تسمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وعَلى الثَّانِي إِمَّا أَن تكون قرينَة الْعُمُوم أَو لَا، فعلى الأول تسمى لَام الِاسْتِغْرَاق، وعَلى الثَّانِي تسمى لَام الْعَهْد الذهْنِي

قَالَ صَاحب " التحبير ": " إِن اللَّام لنَفس الْإِشَارَة لَكِن الْإِشَارَة تقع تَارَة إِلَى فَرد لمخاطبك بِهِ عهد، وَأُخْرَى إِلَى جنس، فَمَعْنَى اللَّام وَاحِد على كل حَال " انْتهى، فَإِذن لَا بُد لَهُ من تَقْدِيم مشار إِلَيْهِ فَإِذا جَاءَ فِي الْكَلَام مَا يَصح أَن يكون مشارا إِلَيْهِ بِأَيّ وَجه كَانَ تعين لَهُ

وَقَالَ عَامَّة أهل الْأُصُول والعربية: لَام التَّعْرِيف سَوَاء دخلت على الْفَرد أَو على الْجمع تفِيد الِاسْتِغْرَاق فيهمَا جَمِيعًا إِلَّا إِذا كَانَ معهودا

وَعَن أبي عَليّ اليسوي أَنه للمطلق فيهمَا لَا للاستغراق، وَهُوَ أحد قولي أبي هَاشم من الْمُعْتَزلَة، وَقَوله الآخر أَنه فِي الْفَرد لمُطلق الْجِنْس، وَفِي الْجمع لمُطلق الْجمع لَا للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل آخر وَقَول صَاحب " الْمُعْتَمد " فِي الْفَرد كَذَلِك وَفِي الْجمع للاستغراق إِلَّا بِدَلِيل

ثمَّ نقُول: إِن لَام الْجِنْس إِذا دخلت على الْمُفْرد كَانَ صَالحا لِأَن يُرَاد بِهِ الْجِنْس إِلَى أَن يحاط بِهِ، وَأَن يُرَاد بِهِ بعضه لَا إِلَى وَاحِد، لِأَن وزانه فِي تنَاول الجمعية وزان الْمُفْرد فِي تنَاول الجنسية، والجمعية فِي جمل الْجِنْس لَا فِي وحداته، وَإِذا دخلت اللَّام على اسْم الْجِنْس فإمَّا أَن يشار بهَا إِلَى حِصَّة من مُسَمَّاهُ مُعينَة بَين الْمُتَكَلّم والمخاطب وَاحِدًا كَانَت أَو اثْنَيْنِ أَو جمَاعَة مَذْكُورَة تَحْقِيقا أَو تَقْديرا وَتسَمى لَام الْعَهْد الْخَارِجِي، وَنَظِير مدخولها الْعلم الشخصي ك (زيد) ونعني بالخارجي مَا كَانَ السَّامع يعرفهُ

وَإِمَّا أَن يشار بهَا إِلَى الْجِنْس نَفسه فَحِينَئِذٍ إِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من حَيْثُ هُوَ هُوَ من غير اعْتِبَار لما قصد عَلَيْهِ من الْأَفْرَاد الدَّاخِلَة على الْمَحْدُود كَمَا فِي قَوْلك: (الْإِنْسَان حَيَوَان نَاطِق) لِأَن التَّعْرِيف للماهية أَي الْحَقِيقَة وَنَحْو قَوْلنَا: (الرجل خير من الْمَرْأَة) ، أَي إِذا قوبل حَقِيقَة كل مِنْهُمَا بِحَقِيقَة الآخر فحقيقة الرجل خير من حَقِيقَة الْمَرْأَة وَإِلَّا فكم من امْرَأَة خير من رجل بِاعْتِبَار شرفها وقربها وكرامتها عِنْد الله تَعَالَى، فتسمى هَذِه اللَّام لَام الْحَقِيقَة وَلَام الطبيعة، وَنَظِير مدخولها الْعلم الجنسي ك (أُسَامَة) وَإِمَّا أَن يقْصد الْجِنْس من

<<  <   >  >>