حَيْثُ هُوَ مَوْجُود فِي ضمن الْأَفْرَاد بِقَرِينَة الْأَحْكَام الْجَارِيَة عَلَيْهِ الثَّابِتَة لَهُ فِي ضمنهَا، إِمَّا فِي جَمِيعهَا بِأَن لَا تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الْخطابِيّ فَيحمل على الِاسْتِغْرَاق بِسَبَب أَن الْقَصْد إِلَى بعض دون بعض تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح وَتسَمى لَام الِاسْتِغْرَاق وَنَظِيره كلمة (كل) مُضَافَة إِلَى النكرَة أَو فِي بَعْضهَا بِأَن تقوم قرينَة البعضية كَمَا فِي الْمقَام الاستدلالي، فَيحمل على الْأَقَل لِأَنَّهُ الْمُتَيَقن، وَتسَمى لَام الْعَهْد الذهْنِي كَقَوْلِك: (ادخل السُّوق وأشتر اللَّحْم) ، حَيْثُ لَا عهد فِي الْخَارِج، ومؤدى مدخولها مؤدى النكرَة، وَلذَلِك تجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامهَا ونعني بالذهني مَا انْفَرد الْمُتَكَلّم بمعرفته، وَإِلَّا فالعهد لَا يكون إِلَّا فِي الذِّهْن
ثمَّ الأَصْل فِي اللَّام لَام الْعَهْد الْخَارِجِي عِنْد عُلَمَاء الْأُصُول لكَون الْأَحْكَام الخارجية أصلا عِنْدهم، وَسَائِر الْأَقْسَام من شعبها، فيتقدم هُوَ على الِاسْتِغْرَاق، وَهُوَ على الْجِنْس، لِأَن الإفادة خير من الْإِعَادَة، وَهُوَ على الْعَهْد الذهْنِي
وَأما عِنْد عُلَمَاء الْمعَانِي فَالْأَصْل فِي اللَّام الْحَقِيقَة، فَإِن أبحاثهم من الْأَحْكَام الوضعية والمجازية، وَقد صَرَّحُوا بِأَن الْأَلْفَاظ فِي وَضعهَا للْجِنْس والحقيقة لَا للْعُمُوم وَلَا للخصوص، وَمَا عَداهَا من فروعها بِحَسب الْقَرَائِن والمقامات
وَاللَّام الَّتِي مَعْنَاهَا الْجِنْس تطلق على الْقَلِيل وَالْكثير كَالْمَاءِ
وَالَّتِي مَعْنَاهَا استغراق الْجِنْس تطلق على الْكثير دون الْقَلِيل نَحْو: الرجل، إِذا أُرِيد مِنْهُ جَمِيع الرِّجَال، وَإِن أُرِيد مِنْهُ قَلِيل الرِّجَال فَحِينَئِذٍ للْجِنْس فَقَط لَا لاستغراقه
وَاللَّام الَّتِي للْجِنْس لَا تفارق الِاسْتِغْرَاق فِي الذِّهْن، فَلَا يتَخَلَّف الْفَرد عَنهُ كَمَا فِي قَوْلنَا: (الرجل خير من الْمَرْأَة) ، وَإِن الْأَمر كَذَلِك فِي الذِّهْن بِخِلَاف الْجِنْس الْخَارِجِي فَإِنَّهُ يُفَارِقهُ، ويتخلف الْفَرد عَنهُ لِأَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا خير من جَمِيع الدُّنْيَا وَأَهْلهَا
وَاللَّام الَّتِي فِي الْأَعْلَام الْغَالِبَة من الْعَهْد الَّذِي يكون بِعلم الْمُخَاطب بِهِ قبل الذّكر لشهرته لَا من الْعَهْد الَّذِي يكون يجْرِي ذكر الْمَعْهُود
وَلَام الِاسْتِحْقَاق تكون بَين الذَّات وَالصّفة نَحْو: {الْعِزَّة لله}
وَلَام الِاخْتِصَاص تكون بَين الذاتين نَحْو: {الْجنَّة لِلْمُتقين} وَلم يفرق بَينهمَا ابْن هِشَام بل عمم الثَّانِي لما فِيهِ من تقليل الِاشْتِرَاك وَقيل: مَا لَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك فَاللَّام مَعَه لَام الِاخْتِصَاص، وَمَا يَصح لَهُ التَّمَلُّك وَلَكِن أضيف إِلَيْهِ مَا لَيْسَ بمملوك لَهُ فَاللَّام مَعَه لَام الِاسْتِحْقَاق، وَمَا عدا ذَلِك فَاللَّام فِيهِ للْملك
والاختصاص الْحَقِيقِيّ كَمَا فِي الإملاك نَحْو: {لله مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض} و (وهبت لَهُ المَال)
وَفِي شبه الإملاك نَحْو: {يهب لمن يَشَاء الذُّكُور} و (الْغُلَام لزيد)
والاختصاص الادعائي كَمَا فِي (الْحَمد لله)