للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَو مُخْتَلفين نَحْو: {وَلَو أَنما فِي الأَرْض من شَجَرَة أَقْلَام} وَنَحْو: (لَو لم تكرمني لأثنيت عَلَيْك)

[وَفِي " التسديد ": كلمة (لَو) أَيْنَمَا دخلت كَانَ المُرَاد من النَّفْي الْإِثْبَات وَمن الْإِثْبَات النَّفْي فَكَانَ النَّفْي فِي الْمَنْفِيّ وَالْإِثْبَات فِي الْمُثبت صور بإلا معنويا فَإِن معنى قَوْلك مثلا (لَو لم تكن الْحَرَكَة مَوْجُودَة فِي هَذَا الْمحل لما وجد التحرك فِيهِ) أَي: الْحَرَكَة الْمَوْجُودَة فِيهِ فَلذَلِك وجد التحرك فِيهِ، وَكَذَلِكَ فِي صُورَة الْإِثْبَات، وَهِي لَو كَانَت الْحَرَكَة قَائِمَة فِي هَذَا الْمحل لَكَانَ التحرك مَوْجُودا، أَي الْحَرَكَة غير قَائِمَة فِيهِ فَلذَلِك لم يُوجد التحرك فِيهِ]

قَالَ أَبُو الْبَقَاء: (لَو) فِي " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " تفِيد الْمُبَالغَة، وَهُوَ أَنه لَو لم يكن عِنْده خوف لما عصى الله، فَكيف يَعْصِي وَعِنْده خوف

وَقد تسْتَعْمل (لَو) لمُطلق الرَّبْط ك (إِن) ولقطع الرَّبْط أَيْضا فَتكون جَوَابا لسؤال مُحَقّق أَو متوهم وَقع فِيهِ ربط فتقطعه أَنْت لاعتقادك بطلَان ذَلِك الرَّبْط، كَمَا إِذا سَمِعت قَائِلا يَقُول: (زيد إِذا لم يكن عَالما لم يكرم) فَربط بَين عدم الْعلم وَعدم الْإِكْرَام، فتقطع أَنْت ذَلِك الرَّبْط وَتقول: لَو لم يكن زيد عَالما لأكرم، أَي لشجاعته

وَقَالَ شمس الدّين الخسرو شاهي: إِن (لَو) فِي أصل اللُّغَة لمُطلق الرَّبْط، وَإِنَّمَا اشتهرت فِي الْعرف فِي انقلاب ثُبُوتهَا نفيا وَبِالْعَكْسِ وَحَدِيث " لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " إِنَّمَا ورد بِمَعْنى الرَّبْط فِي اللُّغَة

وَقَالَ بعض الْفُضَلَاء: (لَو) حرف لما كَانَ سيقع لوُقُوع غَيره هَذِه عبارَة سِيبَوَيْهٍ وَهِي أولى من عبارَة غَيره: حرف امْتنَاع لِامْتِنَاع، لصِحَّة الْعبارَة الأولى فِي نَحْو قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ الْبَحْر مدادا} ، وَفِي قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " نعم العَبْد صُهَيْب لَو لم يخف الله لم يَعْصِهِ " وَعدم صِحَة الثَّانِيَة فِي ذَلِك ولفساد نَحْو قَوْلهم: (لَو كَانَ إنْسَانا لَكَانَ حَيَوَانا)

وَكلمَة (لَو) و (إِن) الوصليتين ليستا لانْتِفَاء الشَّيْء لانْتِفَاء غَيره، وَلَا للمضي، وَلَا لقصد التَّعْلِيق، بل كل مِنْهُمَا مستعملة فِي تَأْكِيد الحكم الْبَتَّةَ، وَلذَا ترى الْقَوْم يَقُولُونَ: إِنَّهَا للتوكيد، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَو أَعجبتكُم}

وَالْوَاو عِنْد الْبَعْض للْعَطْف على مُقَدّر هُوَ ضد الْمَذْكُور أَي: لم يكن كَذَلِك وَلَو كَانَ كَذَلِك

وَعند صَاحب " الْكَشَّاف " للْحَال وَترد (لَو) لِلتَّمَنِّي لتلاقيهما فِي معنى التَّقْدِير نَحْو: {فَلَو أَن لنا كرة فنكون} وَلذَلِك أُجِيب بِالْفَاءِ

وَالْعرض نَحْو: (لَو تنزل عندنَا فنكرمك)

والتحضيض نَحْو: (لَو تسلم فَتدخل الْجنَّة) أَي: هلا تسلم

والتقليل نَحْو قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " ردوا السَّائِل وَلَو بظلف محرق " يَعْنِي المشوي المنتفع بِهِ

وَإِذا كَانَ مَدْخُول (لَو) مَاضِيا مثبتا جَاءَ فِي الْقُرْآن جَوَابه بِاللَّامِ كثيرا، وبدونها فِي مَوضِع، وَلم يجِئ جَوَاب (لَو) فِي الْقُرْآن مَحْذُوف اللَّام من الْمَاضِي

<<  <   >  >>