للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالاستثناء

قَالَ بعض الْمُحَقِّقين: (لَو) حرف شَرط تدخل على انْتِفَاء الشَّرْط، فَإِن كَانَ ثبوتا فَهِيَ مَحْضَة

وَإِن كَانَ الشَّرْط عدميا مثل (لَوْلَا) و (لَو لم) دلّت على انْتِفَاء هَذَا الْعَدَم بِثُبُوت نقيضه فَيَقْتَضِي أَن هَذَا الشَّرْط العدمي مُسْتَلْزم لجزائه إِن وجودا وَإِن عدما، وَأَن هَذَا الْعَدَم مُنْتَفٍ وَإِذا كَانَ عدم شَيْء سَببا فِي أَمر فقد يكون وجوده سَببا فِي أَمر، وَقد يكون وجوده سَببا فِي عَدمه، وَقد يكون وجوده أَيْضا سَببا فِي وجوده بِأَن يكون الشَّيْء لَازِما لوُجُود الْمَلْزُوم ولعدمه وَالْحكم ثَابت مَعَ الْعلَّة الْمعينَة وَمَعَ انتفائها أَيْضا لوُجُود عِلّة أُخْرَى، (وَإِذا كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال كَقَوْلِه تَعَالَى) : {فلولا أَنه كَانَ من المسبحين للبث فِي بَطْنه إِلَى يَوْم يبعثون} و {وَلَوْلَا أَن تَدَارُكه نعْمَة من ربه لنبذ بالعراء وَهُوَ مَذْمُوم} فَإِن الْآيَة الأولى فِي قُوَّة لَو انْتَفَى التَّسْبِيح لثبت اللّّبْث، وَالثَّانيَِة فِي قُوَّة لَو انْتَفَت النِّعْمَة لثبت النبذ، وَالْوَاقِع من مُرَاد الله ثبوتهما فانتفاؤهما محَال، وَلما كَانَ ملزوم الشرطيتين محالا لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال وَنَظِيره قَوْله تَعَالَى: {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر ثمَّ لَا ينظرُونَ وَلَو جَعَلْنَاهُ ملكا لجعلناه رجلا وللبسنا} (فَإِنَّهُ لما كَانَ جعل الْملك على الْوَجْه الَّذِي طلبوه رَسُولا) محالا لما سبق فِي علم الله لَا جرم ترَتّب عَلَيْهِ الْمحَال والواضح مِنْهُ أَن ثَانِيَة الأولى إِنَّمَا نفت النبذ الْمُقَيد بِكَوْنِهِ مذموما، وَنفي الْمُقَيد لَا يسْتَلْزم نفي الْمُطلق، وَبِه يَنْتَفِي اللّّبْث الَّذِي نفته الْآيَة الأولى، وَهَذَا هُوَ الْجَواب عَن آيتي الْأَنْعَام، فَإِن الإهلاك الَّذِي كني عَنهُ بِقَضَاء الْأَمر إِنَّمَا رتب على إِنْزَال الْملك على صُورَة الرجل، واللبس عَلَيْهِم يسْتَلْزم بقاءهم بعد الْإِنْزَال على صفة الرجل إِذْ يُقَال: تلبس عَلَيْهِم الْأَمر ثمَّ يهْلكُونَ

لَوْلَا الامتناعية لَا يَليهَا إِلَّا الْأَسْمَاء لفظا أَو تَقْديرا عِنْد الْبَصرِيين

والتحضيضية لَا يَليهَا إِلَّا الْفِعْل ظَاهرا أَو مضمرا

وَمعنى (لَوْلَا) فِي الْجُمْلَة المضارعية التحضيض

وَهُوَ طلب بحث وإزعاج نَحْو: {لَوْلَا تستغفرون الله} أَي: استغفروه

وَفِي الْجُمْلَة الْمَاضِيَة التوبيخ على ترك الْفِعْل فَتكون جملَة التحضيض فِي قُوَّة قَوْلَيْنِ نَحْو

{فلولا نَصرهم الَّذين اتَّخذُوا من دون الله قربانا آلِهَة} وبخهم الله على عدم نصر الشُّرَكَاء إيَّاهُم أَي: مَا نَصرهم وَلم مَا نَصرهم

وَالِاسْم الْوَاقِع بعد لَوْلَا الامتناعية لَا يظْهر خَبره رَأْسا لأجل طول الْكَلَام بِالْجَوَابِ، وَالْجَوَاب يسد مسده

قَالُوا: حذف خبر الْمُبْتَدَأ بعد لَوْلَا وَاجِب لِأَن مَا فِي لَوْلَا من معنى الْوُجُود دلّ عَلَيْهِ

وَقَالَ ابْن النّحاس: إِن كَانَ الْخَبَر مَعْلُوما وَجب

<<  <   >  >>