للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حذفه، وَإِن كَانَ مَجْهُولا وَجب ذكره وَفِي شرح " التسهيل ": وَجب حذف خبر (لَوْلَا) الامتناعية لِأَنَّهُ مَعْلُوم بِمُقْتَضى (لَوْلَا) إِذْ هِيَ دَالَّة، على امْتنَاع الثُّبُوت، والمدلول على امْتِنَاعه هُوَ الْجَواب، والمدلول على ثُبُوته هُوَ الْمُبْتَدَأ وَترك الْجَواب فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَوْلَا فضل الله عَلَيْكُم وَرَحمته وَأَن الله تواب حَكِيم} للتعظيم وَفِي قَوْله: {وَأَن الله رؤوف رَحِيم} اسْتغنى عَن الْجَواب لذكره مرّة

وَالْمرَاد بالثبوت هُنَا الْكَوْن الْمُطلق، فَلَو أُرِيد كَون مُقَيّد لَا دَلِيل عَلَيْهِ لم يجز الْحَذف نَحْو: (لَوْلَا زيد سالمنا مَا سلم) ، و (لَوْلَا عَمْرو عندنَا لهلك) و (لولاك) : فِي معنى اللَّام التعليلية، فَمَعْنَى (لولاك لَكَانَ كَذَا) : لم يكن كَذَا لوجودك

وتستعمللولا كثيرا فِي لوم الْمُخَاطب على أَنه ترك فِي الْمَاضِي شَيْئا لَا يُمكن تَدَارُكه فِي الْمُسْتَقْبل، فَكَأَنَّهَا من حَيْثُ الْمَعْنى للتحضيض على فعل مثل (مافات) وقلما تسْتَعْمل فِي الْمَاضِي أَيْضا إِلَّا فِي مَوضِع التوبيخ واللوم على مَا كَانَ يجب أَن يَفْعَله الْمُخَاطب قبل أَن يطْلب مِنْهُ

[وَإِذا تعَارض بَين أَن يكون جَوَاب (لَوْلَا) محذوفا وَبَين أَن يكون مقدما عَلَيْهَا فَلَا شكّ أَن التَّقْدِيم أولى كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَقَد هَمت بِهِ وهم بهَا لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه} فالتقدير فَلَقَد هَمت بِهِ لَوْلَا أَن رأى برهَان ربه لَهُم بهَا يدل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: {إِن كَادَت لتبدي بِهِ لَوْلَا أَن ربطنا على قَلبهَا} {إِن كَاد ليضلنا عَن آلِهَتنَا لَوْلَا أَن صَبرنَا} إِذْ (لَوْلَا) فِي مثله تَقْيِيد للْحكم الْمُطلق من حَيْثُ الْمَعْنى دون اللَّفْظ]

وَترد للتنديم كَقَوْلِه تَعَالَى: {لَوْلَا أَن من الله علينا لخسف بِنَا}

وَأما لَوْلَا فِي قَوْله تَعَالَى: {لَوْلَا أنزل عَلَيْهِ ملك} فقد أطبق الْجُمْهُور على أَن (لَوْلَا) هُنَاكَ مفيدة للتنديم والتوبيخ لدخولها على الْمَاضِي، وَلم يبينوا كَيفَ معنى التنديم والتوبيخ، وَإِلَى من يرجع وَالْحَاجة ماسة إِلَى الْبَيَان، وَذَلِكَ أَن التنديم والتوبيخ إِنَّمَا يَقع على عدم صُدُور الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم من فَاعله فِي الزَّمَان الْمَاضِي كَمَا فِي (لَوْلَا ضربت زيدا) ، و (هلا ضرب هُوَ) فالتنديم يتَوَجَّه إِلَى الْفَاعِل لَا إِلَى الْمَفْعُول وفاعل الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم هُنَا هُوَ الله تَعَالَى وَلَا نتصور تنديمه وتوييخه سُبْحَانَهُ، وَلَيْسَ هُوَ مقصودهم بل مُرَادهم تنديم الْمنزل عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ رَسُول الله وتوبيخه، فَلَا بُد أَن يُقَال: إِن التنديم والتوبيخ لم يَقع هُنَا على الْفِعْل الَّذِي دخل عَلَيْهِ حرف التنديم صَرِيحًا، بل على الْفِعْل الْمُقدر الْمُسْتَفَاد من فحوى الْكَلَام بمعونة الْمقَام، كَأَنَّهُ قيل: لَوْلَا سَأَلَ مُحَمَّد إِنْزَال ملك عَلَيْهِ من ربه ومجيئه مَعَه فَيشْهد بنبوته على رُؤُوس الأشهاد ويعاينه منا كَائِنا من كَانَ من الْآحَاد والأفراد

وَقَالَ بَعضهم كَون (لَوْلَا) هَهُنَا للتنديم غبر ظَاهر

<<  <   >  >>