وَإِذا كَانَ التَّعَلُّق بَين الْأَمريْنِ جَازَ الْوَجْهَانِ
فَيُقَال: سميته وَسميت بِهِ، وشكرته وشكرت لَهُ
وَقد يَجْعَل الْمُتَعَدِّي لَازِما كالغرائز اللَّازِمَة بِنَقْل بَابه إِلَى بَاب (كرم) ، فَإِنَّهُ بَاب مَوْضُوع للغرائز وَنَحْوهَا من الملكات الراسخة كالكرم والجود
كَمَا يَجْعَل اللَّازِم مُتَعَدِّيا فِي المغالبة بنقله إِلَى بَاب (فعلته) نَحْو: كارمني فكرمته، بِفَتْح الرَّاء
والتعدية بِالْهَمْزَةِ أولى من التَّعْدِيَة بِالْبَاء من حَيْثُ اللَّفْظ، وَذَلِكَ لِأَن الْبَاء من حُرُوف الْمعَانِي، وَهِي كلمة على حيالها، مُنْفَصِلَة عَمَّا عدي بهَا، مُتَّصِلَة بمدخولها، دَالَّة على معنى التَّعَدِّي، لَهَا أثر لَفْظِي وَهُوَ الْجَرّ، وَأثر معنوي وَهُوَ إِيصَال متعلقها بِأَن تغير مَعْنَاهُ إِلَى مدخولها
والتعدية بِالْهَمْزَةِ أخصر، لِأَن الْهمزَة من حُرُوف المباني كألف (ضَارب) ، فَأذْهب مثلا كلمة وَاحِدَة حَقِيقَة، فالمجموع دَال على الْمَعْنى، فَكَانَت أولى لفظا من التَّعْدِيَة بِالْبَاء وَأما معنى فقد قيل: إِن التَّعْدِيَة بِالْبَاء أولى لكَونهَا أبلغ لما فِيهَا من معنى المصاحبة بِخِلَاف التَّعْدِيَة بِالْهَمْزَةِ فَإِنَّهَا يجوز فِيهَا المصاحبة وضدها وَإِسْقَاط الْهمزَة فِي (أكب) وَأَمْثَاله من أَسبَاب التَّعْدِيَة، وإسقاطها فِي نَحْو (أذهبته) من أَسبَاب اللُّزُوم (وَاخْتلف فِيمَا كَانَ فَاعِلا للْفِعْل قبل الْهمزَة يصير مَفْعُولا أَولا بِسَبَبِهَا أَو ثَانِيًا، وَالْأَكْثَرُونَ على أَنه الأول)
وَمَفْهُوم الْفِعْل اللَّازِم الْحَدث وَنسبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الزَّمَان وَمَفْهُوم الْمُتَعَدِّي الْحَدث ونسبته إِلَى الْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَالزَّمَان، فَيكون مَفْهُوم اللَّازِم الْحَدث مَعَ نِسْبَة ذَلِك الْحَدث إِلَى الشَّيْئَيْنِ، وَمَفْهُوم الْمُتَعَدِّي الْحَدث مَعَ نِسْبَة إِلَى ثَلَاثَة أَشْيَاء
والتعدية قد تكون بِحَسب الْمَعْنى فيختلف حَالهَا ثبوتا وعدما باخْتلَاف الْمَعْنى، وَإِن اتَّحد اللَّفْظ كأظلم وأضاء
وَقد تكون بِحَسب اللَّفْظ فيختلف حَالهَا باخْتلَاف اللَّفْظ وَإِن اتّفق الْمَعْنى وَأما الصِّلَة فَلَا تكون إِلَّا بِحَسب الْمَعْنى، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا من تَوَابِع الْمَعْنى ومتمماته، فَإِن الْبَاء مثلا فِي قَوْلك: (مَرَرْت بزيد) من تَمام معنى الْمُرُور، فَإِنَّهُ قَاصِر عَن معنى الْجَوَاز، فينجبر ذَلِك النُّقْصَان بِزِيَادَة الْبَاء
والمتعدي بِنَفسِهِ إِذا قرن بِحرف الْجَرّ يوجهونه تَارَة بِالْحملِ على الزِّيَادَة كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَلَا تلقوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة} وَأُخْرَى بِالْحملِ على التَّضْمِين كَمَا فِي قَوْله: {أذاعوا بِهِ} {وَأصْلح لي فِي ذريتي}
وَالْفِعْل اللَّازِم يتَعَدَّى إِلَى الْمَفْعُول بالتضمين، وَلذَلِك عدي (رحب) لتضمين معنى (وسع)
وَالْأَفْعَال مُطلقًا بِاعْتِبَار الْمَعْنى على نَوْعَيْنِ: مُتَعَدٍّ ولازم، وكل مِنْهُمَا على قسمَيْنِ: مُتَعَدٍّ بِالْوَضْعِ الشخصي، ومتعد بِالْوَضْعِ النوعي وَاللَّازِم كَذَلِك والشخصي من الْمُتَعَدِّي وَاللَّازِم لَا يتَوَقَّف على غير الْوَاضِع بِخِلَاف النوعي مِنْهُمَا إِذْ هما يحتاجان إِلَى الْأَسْبَاب الوجودية والعدمية
وَالْأَفْعَال إِمَّا خَاصَّة وَإِمَّا عَامَّة، فالخاصة مثل: قَامَ، وَقعد، وَخرج فِي اللَّازِم وَأكل، وَشرب، وَضرب فِي الْمُتَعَدِّي والعامة مثل: فعل،