للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِ وَلم يذكر، فيذكر لفظ كاللفظ الدَّال على ذَلِك الْفِعْل كَقَوْلِه تَعَالَى: {صبغة الله} ذكر لفظ الصَّبْغ فِي صُحْبَة فعلهم الَّذِي هُوَ الصَّبْغ بِمَاء المعمودية؛ وَالْأَصْل فِيهِ أَن النَّصَارَى كَانُوا يغمسون أَوْلَادهم فِي مَاء أصفر يسمونه المعمودية وَيَقُولُونَ إِنَّه تَطْهِير لَهُم فَعبر عَن الْإِيمَان بصبغة الله أَي: تَطْهِير الله للمشاكلة بِهَذِهِ الْقَرِينَة

والصحبة التحقيقية مُتَأَخِّرَة عَن الذّكر، والصحبة التقديرية مُتَقَدّمَة عَلَيْهِ

قَالَ الشَّيْخ سعد الدّين: تَحْقِيق العلاقة فِي مجَاز المشاكلة مُشكل، إِذْ لَا يظْهر بَين الطَّبْخ والخياطة علاقَة، وَكَأَنَّهُم جعلُوا المصاحبة فِي الذّكر علاقَة

وَتعقبه الْأَبْهَرِيّ بِأَن المصاحبة فِي الذّكر لَا تصلح لِأَن تكون علاقَة لِأَن حُصُولهَا بعد اسْتِعْمَال الْمجَاز، أجَاب بَعضهم بِأَن الْمُتَكَلّم يعبر عَمَّا فِي نَفسه فَلَا بُد من مُلَاحظَة المصاحبة فِي الذّكر قبل التَّعْبِير بالمتصاحبين فِي التحقيقية، وبأحدهما فِي التقديرية

وَاخْتَارَ الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ فِي " الْفُصُول ": إِنَّهَا التقارن فِي الخيال، وَالْأولَى أَنَّهَا التقارن فِي الْعلم لوقوعها فِي كَلَام من لَا يَصح إِطْلَاقه

وَالْحق أَن بَيَان العلاقة فِي المشاكلة مُشكل، وَكَذَا فِي التغليب

وَقد تكون المشاكلة بِذكر الشَّيْء بِلَفْظ غَيره لوُقُوعه فِي صُحْبَة مُقَابِله كَمَا فِي قَول مُحَمَّد بن إِدْرِيس الشَّافِعِي: " من طَالَتْ لحيته تكوسج عقله "، وَمِنْه قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " صدق الله وَكذب بطن أَخِيك

وَيُمكن فِي بعض صور المشاكلة اعْتِبَار الِاسْتِعَارَة كَمَا فِي حِكَايَة شُرَيْح وَهِي أَنه قَالَ لرجل شهد عِنْده: إِنَّك لسبط الشَّهَادَة فَقَالَ الرجل: " إِنَّهَا لن تجعد عني. فَقَالَ: لله بلادك! حَيْثُ أَرَادَ أَنه يُرْسل الشَّهَادَة إرْسَالًا من غير تَأْوِيل وروية كالشعر السبط المسترسل فَأجَاب: بِأَنَّهَا [لم تجعد عني أَي] ، لم تنقبض عني بل أَنا واثق من نَفسِي بِحِفْظ مَا شهِدت فاسترسل الْقُوَّة الذاكرة إِيَّاهَا واستحضر أولاها وأخراها فَشبه انقباض الشَّهَادَة عَن الْحِفْظ، وتأتيها عَن الْقُوَّة الذاكرة بتجعيد الشّعْر وَاسْتعْمل التجعيد فِي مُقَابلَة السبوطة أَولا، وَهَذِه من المشاكلة الْمَحْضَة، إِلَّا أَن فِيهَا شَائِبَة الِاسْتِعَارَة وَقَوله: لله بلادك تعجب من بِلَاده فَإِنَّهُ خرج مِنْهَا فَاضل مثله

(وَلَا شكّ أَن المشاكلة من قبيل الْمجَاز والعلاقة فِيهَا التقارن فِي الخيال لَا الْوُقُوع فِي الصُّحْبَة كَمَا هُوَ الْمَشْهُور، لِأَن العلاقة مصححة للاستعمال الَّذِي بِهِ الْوُقُوع فِي الصُّحْبَة ومقدمة عَلَيْهَا)

الْمُطَابقَة: قَالَ الْأَصْمَعِي: أَصْلهَا وضع الرجل مَوضِع الْيَد فِي ذَوَات الْأَرْبَع وَقَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: تَقول طابقت بَين الشَّيْئَيْنِ إِذا جمعت بَينهمَا على حد وَاحِد

وَفِي الِاصْطِلَاح: هِيَ الْجمع بَين الضدين فِي كَلَام أَو فِي بَيت شعر كالإيراد والإصدار، وَاللَّيْل وَالنَّهَار، وَالْبَيَاض والسواد

وَقَالَ الرماني وَغَيره: الْبيَاض والسواد ضدان

<<  <   >  >>