بِخِلَاف بَقِيَّة الألوان، لِأَن كلا مِنْهُمَا إِذا قوي زَاد بعدا من صَاحبه والمطابقة لَا تكون إِلَّا بِالْجمعِ بَين ضدين
والمقابلة تكون غَالِبا بَين أَرْبَعَة أضداد، ضدان فِي صدر الْكَلَام وضدان فِي عَجزه نَحْو: {فليضحكوا قَلِيلا وليبكوا كثيرا} وتبلغ إِلَى الْجمع بَين عشرَة أضداد
وَقد تكون الْمُطَابقَة بالأضداد وبغيرها، لَكِن الأضداد أَعلَى رُتْبَة وَأعظم موقعا، وَلَا تكون الْمُقَابلَة إِلَّا بالأضداد
والمطابقة، وَتسَمى طباقا أَيْضا، وَهِي قِسْمَانِ: حَقِيقِيّ ومجازي وَالثَّانِي يُسمى بالتكافؤ، وكل مِنْهُمَا إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي، وَإِمَّا طباق إِيجَاب أَو سلب وَمن أَمْثِلَة ذَلِك قَوْله: {وَأَنه هُوَ أضْحك وأبكى وَأَنه هُوَ أمات وَأَحْيَا}
وَمن أَمْثِلَة الْمجَازِي قَوْله: {أَو من كَانَ مَيتا فأحييناه} أَي: ضَالًّا فهديناه
وَمن أَمْثِلَة طباق السَّلب قَوْله: {فَلَا تخشوا النَّاس واخشون}
وَمن أَمْثِلَة الْمَعْنَوِيّ قَوْله: {جعل لكم الأَرْض فراشا وَالسَّمَاء بِنَاء}
وَمِنْه نوع يُسمى الطباق الْخَفي كَقَوْلِه تَعَالَى: {مِمَّا خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نَارا} وأملح الطباق وأخفاه قَوْله تَعَالَى: {وَفِي الْقصاص حَيَاة}
الْمُحكم: المتقن: يُقَال: بِنَاء مُحكم أَي: متقن لَا وَهن فِيهِ وَلَا خلل
وَمَا أحكم: المُرَاد بِهِ قطعا، وَلَا يحْتَمل من التَّأْوِيل إِلَّا وَجها وَاحِدًا
والمتشابه: مَا اشْتبهَ مِنْهُ مُرَاد الْمُتَكَلّم على السَّامع لاحْتِمَاله وُجُوهًا مُخْتَلفَة
وَقيل: الْمُحكم مَا عرف المُرَاد مِنْهُ إِمَّا بالظهور وَإِمَّا بالتأويل
والمتشابه: مَا اسْتَأْثر الله بِعِلْمِهِ كقيام السَّاعَة وَخُرُوج الدَّجَّال والحروف الْمُقطعَة فِي أَوَائِل السُّور
وَمن الْمُتَشَابه إِيرَاد الْقِصَّة الْوَاحِدَة فِي سور شَتَّى وفواصل مُخْتَلفَة فِي التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير وَالزِّيَادَة وَالتّرْك والتعريف والتنكير وَالْجمع والإفراد والإدغام والفك وتبديل حرف بِحرف آخر
وَقيل: الْمُحكم مَا لَا يتَوَقَّف مَعْرفَته على الْبَيَان
والمتشابه مَا لَا يُرْجَى بَيَانه
وَعَن عِكْرِمَة وَغَيره: أَن الْمُحكم هُوَ الَّذِي يعْمل بِهِ، والمتشابه هُوَ الَّذِي يُؤمن بِهِ وَلَا يعْمل
قَالَ الطَّيِّبِيّ: المُرَاد بالمحكم مَا اتَّضَح مَعْنَاهُ
والمتشابه بِخِلَافِهِ، لِأَن اللَّفْظ الَّذِي يقبل معنى إِمَّا أَن يحْتَمل غَيره أَولا، الثَّانِي النَّص، وَالْأول إِمَّا أَن يكون دلَالَته على ذَلِك الْغَيْر أرجح أَولا الأول هُوَ الظَّاهِر، وَالثَّانِي إِمَّا أَن يكون مساويه أَولا، الأول الْمُجْمل، وَالثَّانِي المؤول، فالمشترك بَين النَّص وَالظَّاهِر هُوَ الْمُحكم، وَبَين الْمُجْمل والمؤول هُوَ الْمُتَشَابه