وَجه، فَهَذِهِ أَرْبَعَة أَنْوَاع كل مِنْهُمَا يَنْقَسِم ثَلَاثَة أَقسَام، لِأَنَّهَا إِمَّا مَعْلُومَات أَو مظنونات، أَو أَحدهمَا مَعْلُوم والأخر مظنون يحصل اثْنَا عشر، وكل مِنْهُمَا إِمَّا أَن يعلم تقدمه أَو تَأَخره، أَو يجهل فَيحصل سِتَّة وَثَلَاثُونَ
الْمُبَالغَة: هِيَ أَن يذكر الْمُتَكَلّم وَصفا فيزيد فِيهِ حَتَّى يكون أبلغ فِي الْمَعْنى الَّذِي قَصده، فَإِن كَانَت بِمَا يُمكن عقلا لَا عَادَة فإغراق نَحْو:
(ونكرم جارنا مَا دَامَ فِينَا ... ونتبعه الْكَرَامَة حَيْثُ مَالا)
وَالْمُبَالغَة ضَرْبَان: مُبَالغَة بِالْوَصْفِ بِأَن يخرج إِلَى حد الاستحالة، وَمِنْه: {حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط}
ومبالغة بالصيغة
وصيغ الْمُبَالغَة عِنْد الْجُمْهُور محصورة فِي ثَلَاث وَهِي: فعال ومفعال وفعول وَمَا نقل عَن سِيبَوَيْهٍ أَن فعيلا من صِيغ الْمُبَالغَة فَمَحْمُول على حَالَة الْعَمَل للنصب، فَحَيْثُ لَا عمل لَهُ لَا يحمل على صيغها، بل مَعْنَاهُ أَنه صفة مشبهة لإِفَادَة الْمُبَالغَة
وَمَا بني للْمُبَالَغَة فعلان وفعيل وَفعل كفرح، وَفعل ككبر، وفعلاء كعلياء
قَالَ بَعضهم: صِيغ الْمُبَالغَة قِسْمَانِ: أَحدهمَا مَا تحصل الْمُبَالغَة فِيهِ بِحَسب زِيَادَة الْفِعْل
وَالثَّانِي بِحَسب تعدد المفعولات وَلَا شكّ أَن تعددها لَا يُوجب للْفِعْل زِيَادَة، إِذْ الْفِعْل الْوَاحِد قد يَقع على جمَاعَة متعددين، وعَلى هَذَا الْقسم تنزل صِفَات الله
الْمثل، بِالْكَسْرِ: [أَعم الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة للمشابهة والنظير أخص مِنْهُ، وَكَذَا الند فَإِنَّهُ يُقَال لما يُشَارِكهُ فِي الْجَوْهَر فَقَط، وَكَذَا الشّبَه والمساوي والشكل] وَقد يُطلق الْمثل وَيُرَاد بِهِ الذَّات كَقَوْلِك: (وَمثلك لَا يفعل هَذَا) أَي: أَنْت لَا تَفْعَلهُ وَعَلِيهِ: {لَيْسَ كمثله شَيْء} أَي: كَهُوَ تَقول الْعَرَب: (مثلي لَا يُقَال لَهُ هَذَا) أَي: أَنا لَا يُقَال لي هَذَا، أَو المُرَاد فِيهِ نفي (التَّمَاثُل عَن الْمثل، فَلَا مثل لله حَقِيقَة) أَو المُرَاد نفي الْمثل وَزِيَادَة الْحَرْف بِمَنْزِلَة أعادة الْجُمْلَة ثَانِيًا، أَو الْجمع بَين الْكَاف والمثل لتأكيد النَّفْي تَنْبِيها على أَنه لَا يَصح استعمالهما فنفي ب (لَيْسَ) الْأَمْرَانِ جَمِيعًا
أَو الْمثل بِمَعْنى الصّفة، وَفِيه تَنْبِيه على أَن الصِّفَات لَهُ تَعَالَى لَا على حسب مَا تسْتَعْمل فِي الْبشر {وَللَّه الْمثل الْأَعْلَى} وَالْأَكْثَرُونَ على كَون الْكَاف فِيهِ زَائِدَة إِذْ الْقَصْد نفي الْمثل
وَاعْلَم أَن الْمثل الْمُطلق للشَّيْء هُوَ مَا يُسَاوِيه فِي جَمِيع أَوْصَافه، وَلم يتجاسر أحد من الْخَلَائق على إِثْبَات الْمثل الْمُطلق لله، بل من أثبت لَهُ شَرِيكا ادّعى أَنه كالمثل لَهُ يَعْنِي يُسَاوِيه فِي بعض صِفَات الإلهية، فالآية رد على من زعم التَّسَاوِي من وَجه دون وَجه {} [ثمَّ اعْلَم أَن الْمثل لَو فرض عَاما لَا يلْزم عجزهما