بطريقه، فَيصير الْمُعْتَرض بهَا مستدلا والمستدل مُعْتَرضًا وعَلى الْمُسْتَدلّ الْمَمْنُوع دَلِيله الدّفع لما اعْترض بِهِ عَلَيْهِ بِدَلِيل ليسلم لَهُ دَلِيله الْأَصْلِيّ، وَلَا يَكْفِيهِ الْمَنْع الْمُجَرّد كَمَا لَا يَكْتَفِي من الْمُعْتَرض بذلك، فَإِن ذكر الْمُسْتَدلّ دَلِيلا آخر منع ثَانِيًا تَارَة قبل تَمام الدَّلِيل وَتارَة بعد تَمَامه وَهَكَذَا يسْتَمر الْحَال مَعَ منع الْمُعْتَرض ثَالِثا ورابعا دفع الْمُسْتَدلّ لما يُورد عَلَيْهِ إفحام الْمُسْتَدلّ وَأما فِي صُورَة المناقضة فَإِن أَقَامَ الْمَانِع دَلِيلا على انْتِفَاء الْمُقدمَة فالاحتجاج الْمَذْكُور يُسمى غصبا، لِأَن الْمُعْتَرض غصب منصب الْمُسْتَدلّ فَلَا يسمعهُ الْمُحَقِّقُونَ من أهل الجدل لاستلزام الْخبط فِي الْبَحْث فَلَا يسْتَحق الْمُعْتَرض بِهِ جَوَابا، وَقيل: يسمع جَوَابا فَيسْتَحق الْمُعْتَرض بِهِ
والمناقضة المصطلح عَلَيْهَا فِي علم الجدل هِيَ تَعْلِيق أَمر على مُسْتَحِيل إِشَارَة إِلَى اسْتِحَالَة وُقُوعه كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا يدْخلُونَ الْجنَّة حَتَّى يلج الْجمل فِي سم الْخياط}
والمناقضة فِي البديع: تَعْلِيق الشَّرْط على نقيضين مُمكن ومستحيل وَمُرَاد الْمُتَكَلّم المستحيل دون الْمُمكن ليؤثر التَّعْلِيق عدم وُقُوع الْمَشْرُوط، فَكَأَن الْمُتَكَلّم نَاقض نَفسه فِي الظَّاهِر كَقَوْلِه:
(وَإنَّك سَوف تحلم أَو تناهى ... إِذا مَا شبت أَو شَاب الْغُرَاب)
لِأَن مُرَاده التَّعْلِيق على الثَّانِي، وَهُوَ مُسْتَحِيل، لَا الأول الَّذِي هُوَ مُمكن، لِأَن الْقَصْد أَن يَقُول: إِنَّك لَا تحلم أبدا
والمعارضة: هِيَ فِي اللُّغَة عبارَة عَن الْمُقَابلَة على سَبِيل الممانعة والمدافعة يُقَال: لفُلَان ابْن يُعَارضهُ أَي: يُقَابله بِالدفع وَالْمَنْع، وَمِنْه سمي الْمَوَانِع عوارض
[وَفِي الِاصْطِلَاح: تَسْلِيم دَلِيل الْمُعَلل دون مَدْلُوله وَالِاسْتِدْلَال على خلاف مَدْلُوله وَمَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الْمُعَارضَة لُغَة نَوْعَانِ: مُعَارضَة خَالِصَة وَهِي المصطلح الْمَذْكُور، ومعارضة مناقضة وَهِي الْمُقَابلَة بتعليل مُعَلل، سميت بذلك لتضمنها إبِْطَال دَلِيل الْمُعَلل]
وَمن شَرط تحقق الْمُعَارضَة الْمُمَاثلَة والمساواة بَين الدَّلِيلَيْنِ فِي الثُّبُوت وَالْقُوَّة والمنافاة بَين حكمهمَا واتحاد الْوَقْت وَالْمحل والجهة، فَلَا يتَحَقَّق التَّعَارُض أَيْضا فِي الْجمع بَين الْحل وَالْحُرْمَة وَالنَّفْي وَالْإِثْبَات فِي زمانين فِي مَحل وَاحِد، أَو فِي محلين فِي زمَان وَاحِد لِأَنَّهُ مُتَصَوّر؛ وَكَذَلِكَ لَا تعَارض عِنْد اخْتِلَاف الْجِهَتَيْنِ كالنهي عَن البيع وَقت النداء مَعَ دَلِيل الْجَوَاز وَإِن اجْتمعت هَذِه الشَّرَائِط وَتعذر التَّخَلُّص عَن التَّعَارُض بِهَذَا الطَّرِيق ينظر إِن كَانَا عَاميْنِ يحمل أَحدهمَا على الْقَيْد وَالْآخر على الْإِطْلَاق؛ أَو يحمل أَحدهمَا على الْكل وَالْآخر على الْبَعْض دفعا للتعارض وَإِن كَانَا خاصين يحمل أَحدهمَا على الْقَيْد وَالْمجَاز على مَا أمكن، وَإِن كَانَ أَحدهمَا خَاصّا وَالْآخر عَاما يقْضِي الْخَاص على الْعَام هُنَا بِالْإِجْمَاع دفعا للتعارض
وَفِي " جمع الْجَوَامِع ": يتَحَصَّل من النصين المتعارضين سِتَّة وَثَلَاثُونَ نوعا لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَن يَكُونَا عَاميْنِ أَو خاصين، أَو أَحدهمَا عَاما وَالْآخر خَاصّا، أَو كل وَاحِد مِنْهُمَا عَام من وَجه خَاص من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute