للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمَلَائِكَة، فمذهب الأشاعرة والشيعة أَن الْأَنْبِيَاء أفضل والأدلة على ذَلِك كَثِيرَة مِنْهَا سجودهم لسيدنا آدم عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لَوْلَا أَن السَّجْدَة دَالَّة على زِيَادَة منصب السُّجُود لَهُ على الساجد لما قَالَ إِبْلِيس: {أرأيتك هَذَا الَّذِي كرمت عَليّ} وَمِنْهَا أَنه أعلم مِنْهُم بِدَلِيل {يَا آدم أنبئهم بِأَسْمَائِهِمْ} والأعلم أفضل بِدَلِيل {هَل يَسْتَوِي الَّذين يعلمُونَ وَالَّذين لَا يعلمُونَ}

وَمِنْهَا إطاعة الْبشر أشق لِكَثْرَة الْمَوَانِع، وَالْفِعْل مَعَ الْمَانِع أشق مِنْهُ مَعَ غير الْمَانِع، والأشق أفضل لحَدِيث: " أفضل الْعِبَادَة أحمزها "

وَمِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {إِن الله اصْطفى آدم ونوحا وَآل إِبْرَاهِيم وَآل عمرَان على الْعَالمين} والإشكال بقوله تَعَالَى فِي بني إِسْرَائِيل {وَأَنِّي فضلتكم على الْعَالمين} حَيْثُ يسْتَلْزم تَفْضِيلهمْ على سيدنَا مُحَمَّد وَسَيِّدنَا آدم عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام مَدْفُوع بِأَن يُقَال: إِن سيدنَا مُحَمَّدًا كَانَ مَوْجُودا حَال وجود بني إِسْرَائِيل وَأما الْمَلَائِكَة فهم موجودون حَال وجود سيدنَا مُحَمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَقَالَت الفلاسفة والمعتزلة: إِن الْمَلَائِكَة السماوية أفضل من الْبشر وَهُوَ اخْتِيَار القَاضِي أبي بكر الباقلاني وَأبي عبد الله الْحَلِيمِيّ من أَصْحَاب الأشاعرة وَاحْتَجُّوا بأدلة كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح أَن يكون عبدا لله وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون} وَالْجَوَاب: أَنه من قبيل مَا أعَان على هَذَا الْأَمر لَا زيد وَلَا عَمْرو وَهَذَا لَا يُغير كَون الْمُتَأَخر فِي الذّكر أفضل من الْمُتَقَدّم

وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَلَا الْهَدْي وَلَا القلائد وَلَا آمين الْبَيْت الْحَرَام} أَو المُرَاد أَن النَّصَارَى لما شاهدوا من الْمَسِيح مَا شاهدوا من الْقُدْرَة العجيبة أَخْرجُوهُ بهَا من عبَادَة الله وَقَالَ تَعَالَى: {لن يستنكف الْمَسِيح} بِهَذِهِ الْقُدْرَة عَن عبوديتي وَلَا الْمَلَائِكَة المقربون الَّذين فَوْقه بِالْقُوَّةِ والبطش والاستيلاء على عَالم السَّمَاوَات وَالْأَرضين وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {وَمن عِنْده لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَن عِبَادَته} فمعارض بقوله تَعَالَى فِي صفة الْبشر {فِي مقْعد صدق عِنْد مليك مقتدر} وَبِحَدِيث: " أَنا عِنْد المنكسرة قُلُوبهم " وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {والمؤمنون كل آمن بِاللَّه وَمَلَائِكَته وَكتبه وَرُسُله} بِنَاء على أَن التَّقْدِيم فِي الذّكر يدل على التَّقْدِيم فِي الرُّتْبَة فمعارض بتقديمه على الْكتب أَيْضا، وَلم يقل أحد بِأَنَّهُم أفضل من الْكتب، وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: {علمه شَدِيد القوى} فمعارض بقوله تَعَالَى: {وَلَا تعجل بِالْقُرْآنِ قبل أَن يقْضى إِلَيْك وحيه} وَفِيه سر لَا يعرفهُ إِلَّا العرفاء بِاللَّه تَعَالَى وَأما الِاحْتِجَاج بقوله تَعَالَى: (قل لَا أَقُول لكم عِنْدِي خَزَائِن الله وَلَا أعلم الْغَيْب وَلَا أَقُول

<<  <   >  >>