الْأُمُور اللَّازِمَة إِذْ الْمُفَارقَة لَيست من الْمَاهِيّة، فَكل مَا يحمل عَلَيْهِ بتبعية شَيْء آخر كالضاحك فَإِنَّهُ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه متعجب ثمَّ يحمل عَلَيْهِ بتبعية أَنه ذُو نطق عَقْلِي، فبالضرورة يَنْتَهِي إِلَى أَمر لَا يكون حمله عَلَيْهِ بتبعية أَمر آخر، لِئَلَّا تتساوى المحمولات، فَذَلِك الْأَمر الْمَحْمُول بِلَا وَاسِطَة هُوَ الْمَاهِيّة
[وَمَا يُقَال أَن لماهية الْإِنْسَان جِنْسا هُوَ الْحَيَوَان، وفصلا هُوَ النَّاطِق فَمن مسامحاتهم فَإِن الْحَيَوَان هُوَ الْبدن والناطق هُوَ النَّفس وهما متغايران فِي الْخَارِج ذاتا ووجودا فَلَا يَصح حمل أَحدهمَا على الْأُخَر وَلَا على الْمَجْمُوع الْمركب مِنْهُمَا فكأنهم نظرُوا تَارَة إِلَى المحسوس من الْإِنْسَان وَهُوَ الْبدن وَتارَة إِلَى منشأ الكمالات الَّتِي بهَا امتاز عَن سَائِر الْحَيَوَانَات وَهُوَ النَّفس فَادعوا أَنه النَّاطِق]
والماهية المشخصة والموجودة متساويان فَإِن كل مَوْجُود فِي الْخَارِج مشخص فِيهِ وكل مشخص فِي الْخَارِج مَوْجُود فِيهِ
والماهية والذات والحقيقة من المعقولات الثَّانِيَة، فَإِنَّهَا عوارض تلْحق المعقولات الأولى من حَيْثُ هِيَ فِي الْعقل وَلم يُوجد فِي الْأَعْيَان مَا يطابقها
والماهية من حَيْثُ هِيَ لَيست وَاحِدَة وَلَا كَثِيرَة وَلَا شَيْئا من المتقابلات الَّتِي يحمل عَلَيْهَا، وَإِلَّا لما اجْتمعت مَعَ الْمُقَابل الآخر، بل هِيَ صَالِحَة لكل وَاحِد من المتقابلين غير منفكة عَنْهُمَا وَذهب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين إِلَى امْتنَاع إِطْلَاق الْمَاهِيّة على الْوَاجِب سُبْحَانَهُ لإشعاره بالجنسية، يُقَال: مَا هُوَ؟ أَي: من أَي جنس وَمَا رُوِيَ عَن أبي حنيفَة أَن الله تَعَالَى مَاهِيَّة لَا يعلمهَا إِلَّا هُوَ فَلَيْسَ بِصَحِيح وَلم يُوجد فِي كتبه وَلم ينْقل عَن أَصْحَابه العارفين بمذهبه
[وَالْمرَاد بِالْجِنْسِ هُنَا الْجِنْس المنطقي الْخَاص الَّذِي هُوَ مُقَابل للنوع لَا اللّغَوِيّ الَّذِي هُوَ يعم الْأَنْوَاع وَلَا ينْحَصر فِي جُزْء الْمَاهِيّة، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَبر فِي الْمَاهِيّة فَلَا يلْزم التَّرْكِيب حِينَئِذٍ، إِذْ الْجِنْس بِهَذَا الْمَعْنى لَا يسْتَلْزم الْفَصْل الْمُقدم
والمتكلمون على أَنه تَعَالَى حَقِيقَة نوعية بسيطة
وَاعْلَم أَن عدم مُشَاركَة الْبَارِي شَيْئا من الْأَشْيَاء لَا يدل على انْتِفَاء الْجِنْس والفصل المستلزم لانْتِفَاء الْحَد عكس البسائط الخارجية المركبة مِنْهُمَا الْبَتَّةَ بِنَاء على عدم جَوَاز تركب الْمَاهِيّة من أَمريْن متساويين، وتفريع عدم انْفِصَاله عَن غَيره بِمَعْنى فَصلي على عدم الْمُشَاركَة أَيْضا مَبْنِيّ على ذَلِك لجَوَاز أَن يكون لَهُ منحصر فِي نَوعه المنحصر فِي ذَاته تَعَالَى وبرهان التَّوْحِيد لَا يدل على انتفائه، وعَلى تَقْدِير تَسْلِيم انتفائهما لَا يلْزم أَن لَا ينْفَصل بِعرْض لجَوَاز أَن ينْفَصل بِعرْض يُفِيد امتيازه عَن جَمِيع مَا عداهُ مَعَ امتيازه بِذَاتِهِ وذاته تَعَالَى كَذَلِك عِنْد التَّحْقِيق
الْمِائَة: هِيَ عدد اسْم يُوصف بِهِ نَحْو: (مَرَرْت بِرَجُل مائَة إبِله) ، وَالْوَجْه الرّفْع وَيجمع على مئات ومئين
وَالْمِائَة فِي ثلثمِائة فِي معنى المئات، لِأَن حق مُمَيّز الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة أَن يكون جمعا، وثلثمئات شَاذ لِأَن الْعَرَب كَرهُوا أَن يَجِيء التَّمْيِيز الَّذِي هُوَ اسْم