ذكر فِي " شرح المواقف " فِي هَذَا الْمقَام، وَهُوَ إِن شَاءَ ترك، وَالْأولَى إِن لم يَشَأْ لم يفعل، كَمَا فِي " شرح المواقف " فِي الإلهيات حَيْثُ قَالَ: وَأما كَونه تَعَالَى قَادِرًا بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل فَهُوَ مُتَّفق عَلَيْهِ بَين الْفَرِيقَيْنِ وَقَالَ قبيل ذكر الْفُرُوع على إِثْبَات الْقُدْرَة بعد تَفْسِير الْقَادِر بِمَعْنى إِن شَاءَ فعل وَإِن لم يَشَأْ لم يفعل وَهَذَا أولى مِمَّا قيل: هُوَ الَّذِي إِن شَاءَ أَن يفعل فعل، وَإِن شَاءَ أَن لَا يفعل لم يفعل، لِأَن استناد الْعَدَم إِلَى مَشِيئَة الْقَادِر يَقْتَضِي حُدُوثه، كَمَا فِي الْوُجُود فَيلْزم أَن لَا يكون الْقدَم أزليا، وَأما أَنه بِمَعْنى يَصح مِنْهُ الْفِعْل وَالتّرْك فَعِنْدَ الْمُتَكَلِّمين فَقَط وَإِنَّمَا قدم السَّيِّد فِي بَيَان الْمُخْتَار صِحَة التّرْك على صِحَة الْفِعْل لِأَنَّهُ الْفَارِق بَين الْمُخْتَار والموجب لاشتراك صِحَة الْفِعْل بَينهمَا على تَقْدِير أَن يُرَاد بِالصِّحَّةِ الْإِمْكَان الْعَام وَإِرَادَة الْإِمْكَان الْخَاص بِهِ أظهر فِي الْفرق]
الْمُنَاسبَة: هِيَ على ضَرْبَيْنِ مُنَاسبَة فِي الْمعَانِي، ومناسبة فِي الْأَلْفَاظ فالمعنوية: هِيَ أَن يَبْتَدِئ الْمُتَكَلّم بِمَعْنى ثمَّ يتم كَلَامه بِمَا يُنَاسِبه معنى دون لَفظه، فَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى:{أَو لم يهد لَهُم كم أهلكنا من قبلهم} إِلَى قَوْله: {أَفلا يسمعُونَ}{أولم يرَوا أَنا نسوق المَاء إِلَى الأَرْض الجرز} إِلَى قَوْله {أَفلا يبصرون} لِأَن موعظة الْآيَة الأولى سمعية، وموعظة الْآيَة الثَّانِيَة مرئية
والمناسبة اللفظية: هِيَ دون رُتْبَة المعنوية فَهِيَ الْإِتْيَان بِكَلِمَات
وَهِي على ضَرْبَيْنِ: تَامَّة وَغير تَامَّة، فالتامة أَن تكون الْكَلِمَات مَعَ الاتزان مقفاة
والناقصة موزونة غير مقفاة فَمن التَّامَّة قَوْله تَعَالَى:{مَا أَنْت بِنِعْمَة رَبك بمجنون وَإِن لَك لأجرا غير ممنون} وَمن شَوَاهِد النَّاقِصَة قَوْله عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: " أُعِيذكُمَا بِكَلِمَات الله التَّامَّة من كل شَيْطَان وَهَامة وَمن كل عين لَامة " لم يقل النَّبِي عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام (ملمة) وَهِي الْقيَاس لمَكَان الْمُنَاسبَة اللفظية
الْمَنْقُول: هُوَ مَا كَانَ مُشْتَركا بَين الْمعَانِي وَترك اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الأول، سمي بِهِ لنقله من الْمَعْنى الأول وَالْمَنْقُول حَقِيقَة فِي الأول مجَاز فِي الثَّانِي من حَيْثُ اللُّغَة، ومجاز فِي الأول حَقِيقَة فِي الثَّانِي من حَيْثُ النَّقْل، وهجران الْمَعْنى الأول لَا يشْتَرط فِي الْمَنْقُول، بل الْغَلَبَة فِي الثَّانِي كَافِيَة