للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالتَّصَرُّفِ وَاسْتِعْمَال الروية

الْإِسْنَاد: هُوَ ضم كلمة حَقِيقَة أَو حكما أَو أَكثر إِلَى أُخْرَى مثلهَا أَو أَكثر يُفِيد السَّامع فَائِدَة تَامَّة

وَقَالَ بَعضهم: الْإِسْنَاد قِسْمَانِ: عَام وخاص

فالعام: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى

وَالْخَاص: هُوَ نِسْبَة إِحْدَى الْكَلِمَتَيْنِ إِلَى الْأُخْرَى بِحَيْثُ يَصح السُّكُوت عَلَيْهَا

والإسناد وبالبناء، والتفريغ، والشغل: أَلْفَاظ مترادفة، يدل على ذَلِك أَن سبيويه قَالَ: " الْفَاعِل مَا اشْتغل بِهِ الْفِعْل " وَفِي مَوضِع آخر: " فرغ لَهُ " وَفِي آخر: " بني لَهُ " و " أسْند لَهُ "، وَهُوَ وَالْحكم وَالنِّسْبَة التَّامَّة بِمَعْنى وَاحِد يعم الْإِخْبَار، والإنشاء، والوقوع، واللاوقوع وَأما الْإِيقَاع، والانتزاع، فيختصان بالإخبار دون الْإِنْشَاء

وَالنِّسْبَة التقييدية أَعم من جَمِيع ذَلِك

والإسناد يَقع على الِاسْتِفْهَام وَالْأَمر وَغَيرهمَا، وَلَيْسَ الْإِخْبَار كَذَلِك، بل هُوَ مَخْصُوص بِمَا صَحَّ أَن يُقَابل التَّصْدِيق والتكذيب، فَكل إِخْبَار إِسْنَاد، وَلَا عكس

وَإِن كَانَ مرجع الْجَمِيع إِلَى الْخَبَر من جِهَة الْمَعْنى، أَلا ترى أَن معنى (قُم) أطلب قيامك، وَكَذَلِكَ الِاسْتِفْهَام وَالنَّهْي

والإسناد إِذا أطلق على الحكم كَانَ الْمسند والمسند إِلَيْهِ من صِفَات الْمعَانِي، ويوصف بهما الْأَلْفَاظ تبعا، وَإِذا أطلق على الضَّم كَانَ الْأَمر بِالْعَكْسِ

واعتبارات الْإِسْنَاد تجْرِي فِي كلا معنييه على سَوَاء؛ وَأما اعتبارات الْمسند والمسند إِلَيْهِ فَإِنَّمَا جريانها فِي الْأَلْفَاظ

الِاسْتِعَارَة: هِيَ من (استعرت زيدا ثوبا لعَمْرو) لَكِنَّهَا فِي صُورَة إِطْلَاقهَا على لفظ الْمُشبه بِهِ مُسْتَعْملا فِي الْمُشبه نقلت من الْمصدر بِمَعْنى الْمَفْعُول إِلَى معنى لَا يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ وَفِي صُورَة إِطْلَاقهَا على نفس اسْتِعْمَال لفظ الْمُشبه بِهِ فِي الْمُشبه نقلت من معنى مصدر إِلَى معنى يَصح الِاشْتِقَاق مِنْهُ

والاستعارة: هِيَ اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي غير مَا وضع لَهُ للمشابهة، وَبِهَذَا فَارَقت الْمجَاز الْمُرْسل

والأصوليون يطلقون الِاسْتِعَارَة على كل مجَاز

قَالَ الرَّازِيّ: الِاسْتِعَارَة هِيَ جعلك الشَّيْء للشَّيْء للْمُبَالَغَة فِي التَّشْبِيه، وَقيل: زوج الْمجَاز بالتشبيه فتولد بَينهمَا الِاسْتِعَارَة، وَالأَصَح أَنَّهَا مجَاز لغَوِيّ لِأَنَّهَا مَوْضُوعَة للمشبه بِهِ لَا للمشبه وَلَا لأعم مِنْهُمَا

وَقَالَ بَعضهم: حَقِيقَة الِاسْتِعَارَة أَن تستعار الْكَلِمَة من شَيْء مَعْرُوف بهَا إِلَى شَيْء لم يعرف بهَا إِظْهَارًا للخفي، وإيضاحا للظَّاهِر الَّذِي لَيْسَ بجلي، أَو لحُصُول الْمُبَالغَة، أَو لمجموع ذَلِك كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {وَإنَّهُ فِي أم الْكتاب} {واخفض لَهما جنَاح الذل} {وفجرنا الأَرْض عيُونا}

والاستعارة أخص من الْمجَاز، إِذْ قصد الْمُبَالغَة شَرط فِي الِاسْتِعَارَة دون الْمجَاز

وَلَا يحسن الِاسْتِعَارَة إِلَّا حَيْثُ كَانَ التَّشْبِيه مقررا،

<<  <   >  >>