للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي حَيَاة النَّبِي المكرم صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَإِن أهل قبَاء استداروا إِلَى الْكَعْبَة فِي خلال الصَّلَاة بِخَبَر ابْن سيدنَا عمر رَضِي الله عَنْهُمَا عَنهُ بالتحويل، وَقد كَانُوا يصلونَ إِلَى بَيت الْمُقَدّس بِنَاء على مَا ثَبت من الرَّسُول عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام وَلم يُنكر عَلَيْهِم]

وَفَائِدَة النّسخ إِمَّا على تَقْدِير كَون الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة معللة بمصالح الْعباد واللطف بهم كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فَيجوز أَن تخْتَلف مصَالح الْأَوْقَات فتختلف الْأَحْكَام بحسبها كمعالجة الطَّبِيب

وَأما على مَا ذهب إِلَيْهِ المتكلمون من أَن الْأَحْكَام مستندة إِلَى مَحْض إِرَادَة الله من غير دَاع وباعث فَالْأَمْر هَين لِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْحَاكِم (الْمُطلق الفعال لما يُرِيد) فَيجوز لَهُ أَن يضع حكما وَيرْفَع حكما لَا لغَرَض وَلَا باعث لَا سِيمَا إِذا كَانَ متضمنا لمصْلحَة وَحِكْمَة كَسَائِر أَفعاله المنزهة عَن الْأَغْرَاض والبواعث الْمُشْتَملَة على الحكم والمصالح الجمة، فَكَمَا لَا تنَافِي بَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لوُجُود الْحَوَادِث فِي وَقت وَبَين الْأَمر الْمُقْتَضِي لفنائه فِي وَقت آخر كَذَلِك لَيْسَ بَين تَحْلِيل الشَّيْء فِي زمَان وتحريمه فِي زمَان آخر تناف أصلا وكما أَن مُدَّة بَقَاء كل حَادث وزمان فنائه معِين فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لنا، كَذَلِك مُدَّة بَقَاء كل حكم وزمان تغيره كَانَ مقررا معينا فِي علم الله تَعَالَى وَإِن كَانَ مَجْهُولا لأهل الْأَدْيَان السالفة إِلَى أَن (تمّ بِنَاء قصر النُّبُوَّة بِوُجُود خَاتم النَّبِيين) مُحَمَّد سيد الْمُرْسلين فانغلق بعده بَاب النّسخ لما أَنه بعث لتتميم مَكَارِم الْأَخْلَاق [فَصَارَ جَامعا بَين الظَّاهِر وَالْبَاطِن على الْإِطْلَاق

(وَقد كَانَ شرع عِيسَى شرع مُوسَى وَلَا يخل ذَلِك بِكَوْنِهِ مُصدقا للتوراة كَمَا لَا يعود بنسخ الْقُرْآن بعضه بِبَعْض عَلَيْهِ تنَاقض وتكاذب فَإِن النّسخ فِي الْحَقِيقَة بَيَان وَتَخْصِيص فِي الْأَزْمَان)

النكرَة: هِيَ مَا لَا يدل إِلَّا على مَفْهُوم من غير دلَالَة على تَمْيِيزه وحضوره وَتَعْيِين ماهيته من بَين الماهيات وَإِن كَانَ تعقله لَا يَنْفَكّ عَن ذَلِك، لَكِن فرق بَين حُصُول الشَّيْء وملاحظته وَحُضُور الشَّيْء وَاعْتِبَار حُضُوره

وَهِي إِذا كَانَت فِي سِيَاق النَّفْي مَبْنِيَّة مَعَ (لَا) على الْفَتْح مثل: (لَا رجل فِي الدَّار) أَو مقترنة ب (من) ظَاهِرَة مثل: (مَا من رجل فِي الدَّار) أَو كَانَت من النكرات الْمَخْصُوصَة بِالنَّفْيِ ك (أحد) دلّت على الْعُمُوم نصا، وَفِي غير هَذِه الْمَوَاضِع تدل على الْعُمُوم ظَاهرا، وتحتمل نفي الْوحدَة احْتِمَالا مرجوحا لصِحَّة أَن يُقَال فِي نَحْو: (لَا فِي الدَّار رجل) بل رجلَانِ أَو رجال

والنكرة فِي الْإِثْبَات للبعضية إِلَّا إِذا وصفت بِصفة عَامَّة، فَحِينَئِذٍ تعم بِعُمُوم الصّفة كَقَوْلِه تَعَالَى: {ليَبْلُوكُمْ أَيّكُم أحسن عملا}

وتحتمل الِاسْتِغْرَاق احْتِمَالا مرجوحا إِلَّا فِي

<<  <   >  >>