بِكَوْنِهِ نعْمَة بِاعْتِبَار أَحْكَامه المؤيدة الْبَاقِيَة بِالْقُرْآنِ الْعَظِيم.
قَالَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ: مُحَمَّد رَسُول الله الْآن، وَإِلَّا لما صَحَّ إِيمَان من أسلم بِهِ وآمن وَلذَلِك نقُول فِي الْأَذَان: أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله.
وَلَا نقُول كَانَ رَسُول الله. كَذَلِك الحكم فِي سَائِر الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام. وَقد قَالُوا إِن لنفوس الكُمَّل بركَة تسري فِي أبدانهم وقواهم، فَيحصل لَهَا ضرب من الْبَقَاء، فَلَا تنْحَل صُورَة أبدانهم وَإِن فَارَقْتهمْ أَرْوَاحهم، بل تبقى إِلَى زمَان انتشاء النشأة الأخروية.
وكرامة النُّبُوَّة إِمَّا تفضل من الله تَعَالَى على من يَشَاء وَالْكل فِيهِ سَوَاء، وَإِمَّا إفَاضَة حق على المستعدِّين لَهَا بالمواظبة على الطَّاعَة والتحلي بالإخلاص. وَالْفرق بَينهم بالتفضيل والبعثة بالشريعة غير مَنْهِيّ عَنهُ، وَإِنَّمَا الْمنْهِي عَنهُ الْفرق بالتصديق.
وَقد جرت سنة الله فِي مجاري أَفعاله بِأَنَّهُ مَا لم يتوسط بَين المتباينين بِالْحَقِيقَةِ ذُو حظين من الطَّرفَيْنِ لم يتأت التَّأْثِير والتاثر بَينهمَا جدا. وَلِهَذَا لم يستنبئ ملكا: {وَلَو أنزلنَا ملكا لقضي الْأَمر} .
والمختلف فِي نبوتهم نَيف وَعِشْرُونَ: لُقْمَان، وَذُو القرنين، وَالْخضر، وَذُو الكفل، وسام، وطالوت، وعزيز، وتُبَّع، وكالب، وخَالِد بن سِنَان، وحَنْظَلَة بن صَفْوَان، والأسباط وهم أحد عشر، وحواء، وَمَرْيَم، وَأم مُوسَى، وَسَارة، وَهَاجَر، وآسية.
وَلم يشْتَهر عَن مُجْتَهد غير الشَّيْخ أبي الْحسن
الْأَشْعَرِيّ القَوْل بنبوة امْرَأَة، وَالْوَاحد لَا يخرق الْإِجْمَاع، وَالدَّلِيل على أَنه تَعَالَى لم يستنبئ امْرَأَة: {وَمَا أرسلنَا من قبلك إِلَّا رجَالًا} . لَا يُقَال سلب الْأَخَص لَا يسْتَلْزم سلب الْأَعَمّ، لأَنا نقُول: جعل الْآيَة مُسْتَندا لهَذَا الْإِجْمَاع فِيمَا هُوَ الْمجمع عَلَيْهِ فِي كَون كَلَام الْمَلَائِكَة: {يَا مَرْيَم إِن الله اصطفاك} إِلَى آخِره، غير معْجزَة لِمَرْيَم. فَإِنَّهُ إِذا انْتَفَى كَونه معْجزَة لانْتِفَاء التحدي مَعَ الرسَالَة، وَهِي بِهِ أمسُّ وَأَحْرَى، فَلِأَن يَنْتَفِي لانتفائه مَعَ النُّبُوَّة أوْلى.
وَالأَصَح أَن لَا جزم فِي عدد الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم.
النَّعْت فِي اللُّغَة: عبارَة عَن الْحِلْية الظَّاهِرَة الدَّاخِلَة فِي مَاهِيَّة الشَّيْء وَمَا شاكلها كالأنف والأصابع والطول وَالْقصر وَنَحْو ذَلِك.
وَالصّفة: عبارَة عَن الْعَوَارِض كالقيام وَالْقعُود وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ بَعضهم: مَا يُوصف بِهِ الْأَشْيَاء على اخْتِلَاف أَنْوَاعهَا وأجناسها يُسمى نعتاً ووصفاً.
وَقيل: النَّعْت يسْتَعْمل فِيمَا يتَغَيَّر من الْجَسَد. وَالصّفة تَشْمَل الْمُتَغَيّر وَغير الْمُتَغَيّر.
وَقَالَ قوم مِنْهُم ثَعْلَب: النَّعْت مَا كَانَ خَاصّا كالأعور والأعرج فَإِنَّهُمَا يخصان موضعا من الْجَسَد.
وَالصّفة مَا كَانَت عامّاً كالعظيم والكريم. وَعند هَؤُلَاءِ يُوصف الله تَعَالَى وَلَا ينعَت.
والمتكلمون يطلقون النَّعْت فِي صِفَات الله وَلَا