للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَين شَيْئَيْنِ يَقْتَضِي مُنَاسبَة بَينهمَا ومغايرة أَيْضا لِئَلَّا يلْزم عطف الشَّيْء على نَفسه.

وَقد لَا يكون للْجمع كَمَا إِذا حلف لَا يرتكب الزِّنَا وَأكل مَال الْيَتِيم فَإِنَّهُ يَحْنَث بِفعل أَحدهمَا.

وَالْقرَان فِي النّظم بِحرف الْوَاو لَا يُوجب الْقرَان فِي إِثْبَات الحكم عِنْد عَامَّة أثبات الْفُقَهَاء، لِأَن فِي إِثْبَات الشّركَة مُخَالفَة الأَصْل وقلب الْحَقِيقَة لِأَن الأَصْل أَن كل كَلَام تَامّ مُنْفَرد بِنَفسِهِ وَحكمه، فَجعل كلامين كلَاما وَاحِدًا قلب الْحَقِيقَة فَلَا يُصَار إِلَيْهِ إِلَّا للضَّرُورَة، وَلَا نسلم أَن الْوَاو مُوجبَة للشَّرِكَة فِي وضع اللُّغَة، غير أَنَّهَا إِذا دخلت على جملَة نَاقِصَة تجْعَل للشَّرِكَة بِاعْتِبَار الضَّرُورَة وَهِي تَكْمِيل النَّاقِصَة باشتراكهما فِي الْخَبَر، وَأما إِذا ذكرت بَين جملتين تامتين فَلَا يثبت الِاشْتِرَاك.

وَالْحَاصِل من أَحْوَال الجملتين اللَّتَيْنِ لَا مَحل لَهما من الْإِعْرَاب وَلم يكن للأولى حكم لم يقْصد إِعْطَاؤُهُ للثَّانِيَة سِتَّة: كَمَال الِانْقِطَاع بِلَا إِبْهَام، وَكَمَال الِاتِّصَال، وَشبه كَمَال الِانْقِطَاع، وَشبه كَمَال الِاتِّصَال، وَكَمَال الِانْقِطَاع مَعَ الْإِبْهَام، والتوسط بَين الكمالين، فَحكم الْأَخيرينِ الْوَصْل، وَالْأَرْبَعَة السَّابِقَة الْفَصْل، أما فِي الأول وَالثَّالِث فلعدم الْمُنَاسبَة. وَأما فِي الثَّانِي وَالرَّابِع فلعدم الْمُغَايرَة المفتقرة إِلَى الرَّبْط بالعاطف.

وَالْوَاو ضَرْبَان: جَامِعَة للاسمين فِي عَامل وَاحِد، ونائبة مناب التَّثْنِيَة حَتَّى يكون (قَامَ زيد وَعَمْرو) بِمَنْزِلَة (قَامَ هَذَانِ) ويضمر بعْدهَا الْعَامِل. فعلى الأول جَازَ (قَامَ زيد وَهِنْد) بترك تَأْنِيث الْفِعْل لأَنا

نقُول: عنينا الذّكر. وَلَا يجوز على الثَّانِي لِأَن الاسمين لم يجتمعا، وَجَاز أَيْضا على الأول دون الثَّانِي (اشْترى زيد وَعَمْرو) ، و (قَامَ عَمْرو وَأَبوهُ) . وَأما فِي صُورَة النَّفْي فَتَقول على الأول: مَا قَامَ زيد وَعَمْرو) فَلَا يُفِيد النَّفْي، كَمَا تَقول: (مَا قَامَ هَذَانِ) . وَتقول على الثَّانِي: (مَا قَامَ زيد وَلَا عَمْرو) ، فيفيده كَمَا تَقول: (مَا قَامَ زيد وَلَا قَامَ عَمْرو) .

وَالْوَاو، وَالْفَاء، وَثمّ، وَحَتَّى كلهَا تشترك فِي إِفَادَة الْجمع فِي ذَات مثل: (قَامَ وَقعد زيد) ، أَو فِي حكم مثل: (جَاءَ زيد وَعَمْرو) ، أَو فِي وجود مثل: (جَاءَ زيد وَذهب عَمْرو) ، إِلَّا أَن الْوَاو لمُطلق الْجمع أَي جمع الْأَمريْنِ وتشريكهما من غير دلَالَة على زِيَادَة معنى كالمقارنة أَي اجْتِمَاع الْمَعْطُوف مَعَ الْمَعْطُوف عَلَيْهِ فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن مَالك وَنسب إِلَى الْإِمَامَيْنِ.

(وَالْوَاو للْجمع إِلَّا إِذا قَامَ دَلِيل الِاسْتِئْنَاف) .

وَالتَّرْتِيب أَي تَأَخّر مَا بعْدهَا عَمَّا قبلهَا فِي الزَّمَان كَمَا نقل عَن الإِمَام الشَّافِعِي حَتَّى يلْزم التَّرْتِيب فِي الْوضُوء لم يثبت عَنهُ، وَإِنَّمَا أَخذ التَّرْتِيب من السّنة وَمن سِيَاق النّظم. وَقَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للخطيب الَّذِي قَالَ بَين يَدَيْهِ: " من أطَاع الله وَرَسُوله فقد رشد، وَمن عصاهما فقد غوى "، " بئس خطيب الْقَوْم أَنْت، هلا قلت: وَمن عصى الله وَرَسُوله " فَلَيْسَ فِيهِ دلَالَة على أَن الْوَاو للتَّرْتِيب، بل على أَن فِيهِ ترك الْأَدَب حَيْثُ لم يفرد اسْم الله تَعَالَى بِالذكر، وَلِأَن كل وَاحِد من

<<  <   >  >>