للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العصيانين مُسْتَقل باستلزام الغواية، وَلِأَن المُرَاد من الْخَطِيب الْإِيضَاح لَا الرموز، يُؤَيّدهُ مَا قَالَه الأصوليون من أَنه الْأَمر بِالْإِفْرَادِ، لِأَنَّهُ أَكثر تَعْظِيمًا وَالْمقَام يَقْتَضِي ذَلِك.

والعطف بِالْوَاو وَإِن دلّ على الْجمع والتسوية فِي الْفِعْل لَكِن فِي الافراد بِالذكر وَجعل أَحدهمَا متبوعاً وَالْآخر تَابعا مَا يزِيل توهم تَعْمِيم التَّسْوِيَة من الْجمع بالضمير، وَلَا يرد على ذَلِك حَدِيث " لَا يُؤمن أحدكُم حَتَّى يكون الله وَرَسُوله أحب إِلَيْهِ مِمَّا سواهُمَا " لِأَن مَا يكره من الْأمة قد لَا يكره من النَّبِي. وَلَا قَوْله تَعَالَى: {ومَا كَانَ لمُؤمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَة إِذا قَضَى اللهُ ورَسُولُه أمرا أَن تَكُونَ لهُمْ الخِيَرَة من أَمْرِهم} لِأَن الْكَلَام فِي جَوَازه وَعدم جَوَازه من الْعباد، وَلَا يرد أَيْضا قَوْله: {شهد الله أَنه لَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَة وأولو الْعلم} إِذْ الذّكر هُنَا بالشرف لَا بالترتيب، وللبداءة أثر فِي الاهتمام كَمَا فِي مَسْأَلَة الْوَصِيَّة بِالْقربِ. [وتوحيد الضَّمِير فِي قَوْله: {وَالله وَرَسُوله أَحَق أَن يرضوه} للدلالة على أَن الْمَقْصُود إرضاء الرَّسُول وَإِن ذكر الله للإِشعار بِأَن الرَّسُول من الله بِمَنْزِلَة عَظِيمَة واختصاص قوي حَتَّى سرى الإرضاء مِنْهُ إِلَيْهِ. وَكَذَا الْحَال فِي الايذاء فَإِنَّهُم لَا يُؤْذونَ الله حَقِيقَة بل الرَّسُول وَحده] .

والأدلة على عدم إِفَادَة التَّرْتِيب كَثِيرَة مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {فَكيف كَانَ عَذَابي وَنذر} ،

{وَقَالُوا إنْ هِيَ إلاّ حَيَاتُنا الدُّنيا نمُوتُ ونحيا} ، {واسجدي واركعي} وَغير ذَلِك.

وَأما الثَّلَاثَة الْبَاقِيَة وَهِي: الْفَاء و (ثمَّ) و (حَتَّى) فبخلافها، فَإِن الْفَاء للتعقيب على وَجه الْوَصْل حَتَّى إِذا قَالَ: (جَاءَ زيد فعمرو) فهم مِنْهُ مَجِيء عَمْرو عقيب زيد بِلَا فصل. وَكَذَا إِذا قَالَ: (بِعْت مِنْك هَذَا العَبْد بِكَذَا) فَقَالَ المُشْتَرِي: فَهُوَ حر، يعْتق، لَا لَو قَالَ: هُوَ حر، أَو وَهُوَ حر. وَلَو قَالَ: (إِن دخلتُ الدَّار فكلمت زيدا فَعَبْدي حر) ، لَا يعْتق إِلَّا بِالْجمعِ بَينهمَا مُرَتبا الْكَلَام بعد الدُّخُول بِلَا مهلة، وَلَو قَالَ: (وَكلمت) ، بِالْوَاو لَا يعْتق إِلَّا بِوُقُوع الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا كَيْفَمَا وَقع، لَا فرق فِيهِ بَين وُقُوع الأول قبل الثَّانِي أَو الثَّانِي قبل الأول فِي اللَّفْظ.

و (ثمَّ) للتراخي على سَبِيل الِانْقِطَاع عِنْد أبي حنفية حَتَّى لَو قَالَ لغير الْمَدْخُول بهَا: (انتِ طَالِق ثمَّ طَالِق) ، يَقع الأول وَيَلْغُو الثَّانِي بعده، كَمَا لَو سكت بعد الأول؛ وَعِنْدَهُمَا للتراخي على سَبِيل الْعَطف والاشتراك.

و (حَتَّى) لترتيب فِيهِ تدريج.

وَلَا تقع الْوَاو فِي أول الْكَلَام؛ وَالَّتِي يبتدأ بهَا فِي أول الْكَلَام فَهِيَ بمعى رب، وَلِهَذَا تدخل على النكرَة الموصوفة وتحتاج إِلَى جَوَاب مَذْكُور إِمَّا لفظا وَإِمَّا حكما كَقَوْلِه:

<<  <   >  >>