للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالِاخْتِيَار فِي عدِّ الْأَيَّام الرّفْع إِلَّا السبت وَالْجُمُعَة فَإنَّك تَقول فِي أفْصح اللُّغَات: اليومَ السبت وَالْيَوْم الْجُمُعَة بِالنّصب لما فيهمَا من معنى الْفِعْل فينصب الْيَوْم على الظَّرْفِيَّة.

وَذكر الْيَوْم أَو اللَّيْل جمعا يَقْتَضِي دُخُول الآخر فِيهِ لُغَة وَعرفا، وَالْأَصْل دُخُول غير الْمَذْكُور ضَرُورَة الْمَذْكُور. وَقد نظمت فِيهِ:

(فكَمْ حالِفٍ يَوْماً بِتَرْكِ كَلامِه ... نَهاراً فَصَار البرّ كالمَسْح مُدةَ)

(وَكم حالِفٍ لَيْلاً كَذَا غَيرَ أنَّه ... يَبرّ إِلَى أنْ زَالَتِ الشَّمسُ صامتا)

(فَهَذَا لتكميلٍ من اللَّيْلِ يَوْمه ... وَمن عَجَبٍ يَوْمٌ يكمِّلُ لَيْلَةَ)

وَقد يُطلق الْيَوْم بطرِيق الْمجَاز على شدَّة ووقعة وَقعت فِيهِ كَقَوْلِهِم: يَوْم أحد وَيَوْم بدر وَيَوْم حنين، وَيَوْم الخَنْدَق، وَيَوْم وَاسِط.

وَيَوْم ذُو أَيَّام: أَي صَعب شَدِيد

ويومٌ أَيْوَم: أَي أَزْيَد وَأقوى شدَّة إِلَى غير ذَلِك من الْمَوَارِد المقرونة بقرائن توجب أَن تصحح حمل لفظ الْيَوْم أَو الْأَيَّام على مَا وَقع فِيهِ من الشدَّة والوقعة أَو الشدائد والوقائع، وَعَلِيهِ قَوْله تَعَالَى: {وَذكرهمْ بأيام الله} إِذْ الْإِنْذَار لَا يكون بِنَفس الْأَيَّام بل بالشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا، وَكَذَا قَوْله: {لَا يرجون أَيَّام الله} أَي لَا يتوقعون الْأَوْقَات الَّتِي وَقتهَا الله لنصر الْمُؤمنِينَ وَوَعدهمْ بوقائعه بأعدائه. (وَكَذَا قَوْله: {يَلْقَ

أَيَّامًا} على قِرَاءَة ابْن مَسْعُود، وَهُوَ إِخْبَار عَن لِقَاء الشدائد الْوَاقِعَة فِيهَا لَا عَن لِقَاء نفس الْأَيَّام، إِذْ لَا يُفِيد فَائِدَة يعْتد بهَا عرفا) .

وَلَا يُضَاف لفظ (الْأَيَّام) إِلَّا إِلَى الْعشْرَة فَمَا دونهَا لَا إِلَى مَا فَوْقهَا. وَقَوله تَعَالَى: {أَيَّامًا معدودات} قدّروها بسبعة أَيَّام.

والشائع فِي اسْتِعْمَال الْيَوْم المعرّف بِاللَّامِ أَن يُرَاد بِهِ زمَان الْحَال إِذْ الِاسْم الْعَام إِذا عرّف بأداة الْعَهْد ينْصَرف إِلَى الْحَاضِر نَظِيره الْآن من آن والساعة من سَاعَة. وَلما كَانَ أمس وغد مُتَّصِلا كل مِنْهُمَا بيومك اشتق لَهُ اسْم من أقرب سَاعَة إِلَيْهِ، فاشتق لليوم الْمَاضِي أمس الملاقي للمساء وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من صباحه أَعنِي صباح غَد فَقَالُوا: أمس. وَكَذَلِكَ غَد اشتق لَهُ اسْم من الْغَد وَهُوَ أقرب إِلَى يَوْمك من مسائه أَعنِي مسَاء غَد.

وَالْيَوْم الآخر: هُوَ من الْمَوْت إِلَى الِاسْتِقْرَار وصف بِالْآخرِ. لِأَنَّهُ لَا ليل بعده.

الْيَد: المِلك (بِالْكَسْرِ) ، والجارحة والصلة وَالْبركَة والجاه وَالْوَقار وَالْحِفْظ والنصر وَالْقُوَّة وَالْقُدْرَة وَالسُّلْطَان وَالنعْمَة وَالْإِحْسَان.

وَالْيَد فِي الأَصْل كالمصدر عبارَة عَن صفة لموصوف، وَلذَلِك مدحهم سُبْحَانَهُ بِالْأَيْدِي مقرونة بالأبصار وَلم يمدحهم بالجوارح لِأَن الْمَدْح إِنَّمَا يتَعَلَّق بِالصِّفَاتِ، وَلِهَذَا قَالَ الْأَشْعَرِيّ: إِن الْيَد صفة ورد بهَا الشَّرْع، وَالَّذِي يلوح من معنى هَذِه الصّفة أَنَّهَا قريبَة من معنى الْقُدْرَة إِلَّا أَنَّهَا

<<  <   >  >>