للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الأحاديث السابقة:

الأحاديث الواردة في هذا الفصل، وإن لم يصح منها حديث، إلا أن مقاصد الشريعة جاءت بما دلت عليه من النهي عن بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام؛ لأن هذا البيع يتضمن الإعانة على الإثم والعدوان.

وقد سبق أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن عاصر الخمر١، وهو إنما يعصر عنبًا يصير عصيرًِا، والعصير حلال، يمكن أن يتخذ خلاً أو دبسًا وغير ذلك٢، ولكنه إنما لعن من عصر العنب ليتخذ هو أو غيره الخمر منه. ويدخل في ذلك ما إذا باع العصير على من يعمل الخمر منه.

"وفي معنى هذا كل بيعٍ أو إجارة أو معاوضة تعين على معصية الله، كبيع السلاح للكفّار والبغاة وقطّاع الطريق، وبيع الرقيق لمن يفسق به أو يؤاجره لذلك، أو إجارة داره أو حانوته أو خانه لمن يقيم فيها سوق المعصية، ونحو ذلك مما هو إعانة على ما يبغضه الله ويسخطه"٣.

ومن هذا أيضاً ينهى عن بيع عقارٍ أو آلة أو غيرها لمن يقيم فيها أو يستعملها في الحرام. ويعد هذا من باب سدِّ الذرائع. وهذا كله فيما إذا كان المبيع مباحاً في الأصل. وأما إذا كان محرّماً فهو داخل أيضاً في الفصل السابق وهو النهي عن بيع ما جاء في الشريعة تحريمه.

فإذا ثبت تحريم بيع ما يعلم أن المشتري يستعمل المبيع في الحرام، "فإنما يحرم البيع ويبطل إذا علم البائع قصد المشتري ذلك إما بقوله، وإما بقرائن


١ قد سبق عند حديث رقم (٩،١٠،١١،١٢،١٩) .
٢ الفتاوى (٢٩/٢٧٥) .
٣ إعلام الموقعين (٣/٢٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>