للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم من الأحاديث الثابتة النهي عن بيع الكلب سواءً أكان مما أُذن بالانتفاع به أم لا، لعموم النهي الوارد عن ثمنها في الأحاديث السابقة. وهو مذهب مالك في المشهور عنه١، والشافعي٢، وأحمد٣. وجميع ما ورد في استثناء كلب الصيد فإنه ضعيف كما تقدم بيان ذلك مفصّلاً عند تخريج هذه الأحاديث.

وذهب بعض أهل العلم إلى إباحة بيع الكلب إذا كان مأذوناً في اتخاذه ككلب الصيد ونحوه. وهو مذهب أبي حنيفة٤. وقالوا إن النهي عن ثمنها كان حين الأمر بقتلها، فلما نسخ الأمر بقتلها نسخ النهي عن ثمنها. وجعلوا حكمه حكم الحمار الأهلي الذي نهي عن أكله وأُبيح بيعه٥.

والذي يترجح هو ما تقدم من النهي عن ثمن الكلاب ولو كانت مما ينتفع بها لعموم الأحاديث الواردة في النهي عن ثمنها وأنه خبيث. وأما دعوى نسخ هذه الأحاديث بأحاديث الإذن بالانتفاع بالكلاب فهي دعوى لا دليل عليها؛ لأن النسخ لابد أن يثبت بنص، وليس نسخ الأمر بقتل الكلاب دليلاً على نسخ النهي عن ثمنها؛ لعدم التلازم بينهما. ويدل على هذا: أن أحاديث تحريم بيعها وأكل ثمنها مطلقة عامة كلها، وأحاديث النهي عن اقتنائها منها المطلق ومنها المقيَّد الذي فيه الاستثناء


١ الخرشي على مختصر خليل (٥/١٦) .
٢ المجموع (٩/٢٧٢) .
٣ شرح الزركشي (٣/٦٧٠) .
٤ بدائع الصنائع (٥/١٤٣) .
٥ انظر: شرح معاني الآثار (٤/٥٧) ، بدائع الصنائع (٥/١٤٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>