للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الحديث السابق:

يستفاد مما تقدم النهي عن بيع الحر. وقد حكى ابن المنذر١، والنووي٢ الإجماع على ذلك، سواء أكان الحر لم يسبق بعبودية، أو كان عبدًا ثم أعتقه سيده ثم كتم ذلك أو جحده، أو أن يستخدمه كرهًا بعد العتق٣.

وأما ما رواه الطحاوي٤ والحاكم٥ كلاهما من طريق زيد بن أسلم قال: لقيت رجلاً بالإسكندرية يقال له سُرَّق٦. فقلت: ما هذا الاسم؟ فقال: سمانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدمت المدينة فأخبرتهم أنه يقدم لي مال فبايعوني، فاستهلكت أموالهم فأتوا بي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "أنت سُرَّق". فباعني بأربعة أبعرة ..." الحديث٧. ففيه أن النبي صلى الله عليه وسلم باعه في دينٍ كان


١ الإجماع (ص١١٤) .
٢ المجموع (٩/٢٨٩) .
٣ فتح الباري (٤/٤٨٨) .
٤ شرح معاني الآثار (٤/١٥٧) .
٥ المستدرك (٢/٥٤) .
٦ قال ابن حجر في ضبطه: بضم أوله وتشديد الراء. صحابي اسمه الحباب. سماه ابن السكن. [نزهة الألباب في الألقاب (١/٣٦٤) ] .
٧ قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه". ولكن في إسناده عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار متكلمٌ فيه. قال ابن معين: في حديثه عندي ضعف. وقال أبو حاتم: فيه لين، يكتب حديثه ولا يحتج به. وقال ابن المديني: صدوق [تهذيب التهذيب (٦/٢٠٦-٢٠٧) ] .
وقد خالفه مسلم بن خالد الزنجي، فإنه رواه عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني عن سُرَّق. رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (٤/١٥٧) ، والطبراني في الكبير (٧/١٦٥-١٦٦) .
ومسلم بن خالد الزنجي تقدم أنه ضعيف عند حديث رقم (٣٣) . وللحديث إسناد آخر، فقد رواه الطبراني في الكبير (٢٢/٢٩١-٢٩٢) بإسناده عن ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن أبي عبد الرحمن القيني "أن سُرًّق اشترى من رجل ... " الحديث بنحوه. وفي إسناده ابن لهيعة وقد تقدم عند حديث رقم (١) أنه ضعيف. ولكنه صالح في باب المتابعات. فعلى هذا فالحديث من هذين الطريقين حسنٌ لغيره. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>