للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلالة الأحاديث السابقة:

يستفاد مما تقدم النهي عن بيع فضل الماء والكلأ والنار.

أما الماء فالمراد به ماء العيون والآبار ونحوها مما لا يد لأحدٍ عليه والناس فيه سواء، وأما إذا صيِّر هذا الماء في آنية وأوعية فليس داخلاً في النهي عن بيعه، لما تكلف فيه مستقيه وحامله١. ومثل هذا اليوم المياه الصحية التي تعبأ في قوارير أو نحوها فهي ليست داخلة في النهي.

قال الخطابي: "وأما الماء إذا جمعه صاحبه في صهريج أو بركة أو خزنه في جب أو قراه في حوض ونحوه فله أن يمنعه، وهو شيءٌ قد حازه على سبيل الاختصاص لا يشركه فيه غيره، والحديث إنما جاء في منع الفضل دون الأصل، ومعناه ما فضل عن حاجته وحاجة عياله وماشيته وزرعه"٢.

والمراد بمنع الماء الذي ورد النهي عنه عدم بذله لمن يحتاج إليه بغير عوض، فإن أبى بذله بغير عوض فهو مانعٌ له.

والبئر إن كان لها مالك أو كانت في أرضٍ مملوكة فالمالك أولى به من غيره، وما فضل عن حاجته فلا يجوز له منعه٣. وقد سبق أن من منع فضل مائه من ابن السبيل فإن الله لا يكلمه يوم القيامة ولا ينظر إليه ولا يزكيه وله عذابٌ أليم.

وأما الكلأ فهو النبات الذي أخرجه الله للأنعام مما لم ينصب فيه أحدٌ بحرثٍ ولا غرس ولا سقي، فهو لمن سبق إليه، ليس لأحدٍ أن يحتظر منه شيئاً دون غيره، ولكن ترعاه أنعامهم ومواشيهم ودوابُّهم معاً٤.


١ انظر: الأموال - لأبي عبيد - (ص٢٧٧-٢٧٨) .
٢ معالم السنن (٣/٧٤٨-٧٤٩) .
٣ انظر: الأموال - لأبي عبيد - (ص٢٧٦) .
٤ انظر: الأموال - لأبي عبيد - (ص٢٧٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>