للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقيل: إنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية فباعها منهم معتقداً جواز ذلك، وكان ينبغي له أن يوليهم بيعها فلا يدخل في محظور وإن أخذ أثمانها منهم بعد ذلك لأنه لم يتعاط محرماً.

الثاني: ما قاله الخطابي وهو أن يكون باع سمرة العصير ممن يتخذه خمراً.

الثالث: أن يكون خلل الخمر وباعها، وكان سمرة يعتقد جواز ذلك - ولكن هذا ضعيف لأن في الحديث أنه باع خمراً، والخمر إذا خللت لا تعود إلى ما كانت عليه.

ورجح ابن الجوزي والقرطبي القول الأول، وبين الحافظ ابن حجر أنه على هذا القول يحتمل أن يكون بعض من ولاهم عمر رضي الله عنه استعمل سمرة على قبض الجزية، وذلك لأن سمرة لم يكن والياً لعمر رضي الله عنه. وأما ما ذكره ابن الجوزي من أن عمر رضي الله عنه استعمل سمرة على البصرة فوهم. قاله ابن حجر١.

ولعله مما يؤيد هذا القول ما رواه الحميدي٢، والبيهقي٣ بإسنادٍ فيه راوٍ لم يسم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر يقول بيده هكذا - يعني يحركها يميناً وشمالاً - عويمل لنا بالعراق، عويمل لنا بالعراق خلط في فيء المسلمين أثمان الخمر والخنازير، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله اليهود، حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوها". وعند عبد الرزاق٤ نحو هذا بلفظ: "رأيت عمر يقلِّب كفيه ويقول: قاتل الله سمرة عويمل لنا بالعراق ... " الحديث.


١ فتح الباري (٤/٤٨٤) .
٢ مسند الحميدي (١/٩) .
٣ السنن الكبرى (٩/٢٠٥-٢٠٦) .
٤ المصنف (٦/٧٥) . وانظر أيضاً (٦/٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>