للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أشهر في العام, وأن عملية البناء استغرقت نحو ثلاثين عامًا، وهو يصف خوفو بالقسوة ونسب إليه أنه سخَّر شعبه في بناء مقبرته، وقد وجدت هذه الفكرة صداها لدى الكثيرين من المحدثين؛ ولكننا لو تأملنا ظروف مصر في ذلك العهد؛ لوجدنا أن بناء الهرم بهذا الوصف كان -على النقيض مما ذكره هؤلاء- عملًا إنسانيًّا؛ حيث إن الزراعة في مصر كانت تتعطل مدة الفيضان، وفي هذه الفترة من كل عام كان الفلاح يعيش في شظف من العيش، ويتعذر عليه الحصول على القوت؛ فكان قيامه بالعمل في بناء مقبرة الفرعون لقاء غذائه وكسائه مما يساعده على تحمل أعباء الحياة في تلك الفترة من السنة، كما أنه لا شك كان يرحب باشتراكه في عمل من أجل مليكه الذي يعتبره إلهًا ويغتبط لذلك مهما كلفه من جهد ووقت، وما زلنا نرى حتى الآن أن المصري المعاصر يتحمس لدينه ويتفانى في العمل من أجل رفعته.

والهرم الأكبر وقت بنائه كان يرتفع ١٤٦ مترًا؛ ولكن جزءًا منه تهدم فأصبح ارتفاعه الآن حوالي ١٣٧مترًا وهو يشغل مساحة قدرها ١٢ فدانًا تقريبًا واستعملت في بنائه نحو ٢.٣٠٠.٠٠٠ كتلة من الحجر متفاوتة الوزن، ولقد قدر بعض الرياضيين أن هذه الأحجار لو قطعت إلى قطع صغيرة حجم كل منها قدم مكعب ووضعت متلاصقة لأمكن أن تغطي خطًّا يبلغ طوله نحو ثلثي محيط الكرة الأرضية عند خط الاستواء، هذا ولم يتم بناء الهرم على أساس تصميم واحد؛ بل غير التصميم الأصلي أثناء العمل, ولفرط ضخامته ودقة بنائه والإحساس بإعجازه كثيرًا ما يربط بعض الناس بين الأحداث العالمية التي حدثت فيما سبق والتي يتكهنون بأنها ستحل بالعالم وبين أطوال الهرم وزواياه ويؤكدون وجود علاقة وثيقة فيما بينها وأن هذا الهرم مستودع عجيب للأسرار؛ ولكن كل ما يذكر في هذا الصدد عبارة عن وهم خاطئ مبني على الخرافة وليس له أي أساس علمي صحيح.

<<  <   >  >>