للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حربية إلا في السنة الخامسة من عهده؛ حيث ذهب إلى النوبة وتوغل فيها كثيرًا حتى ليظن أنه وصل إلى العطيرة١؛ ولكن مما لا شك فيه أن ملكه قد امتد إلى "كاروى" عند الشلال الرابع تقريبًا، ولم يجد بعد ذلك ما يضطره إلى الخروج في أية حملة حربية في عهده الطويل، ومع أنه أغرم بالصيد وقتًا ما إلا أنه لم يكن محبًّا للحرب.

ولما كان الأمن قد استتبَّ في أنحاء الدولة؛ فإن الجزية والهدايا تدفقت إلى مصر بانتظام، وأصبحت خزائن فرعون مليئة بالذهب والفضة، وكان الملك الشاب محبًّا لحياة الترف والبذخ فانغمس فيها, وأدت هذه الحياة به طبعًا إلى الانصراف عن نشاطه العسكري والرياضي أيضًا, كذلك أقبل رجال الحاشية على نفس الاتجاهات التي أقبل عليها مليكهم, فنعموا بحياة كلها ترف وبذخ مما أضعف شأن مصر وأثر في سمعتها في الخارج, وكان لذلك أثره السيئ فيما بعد.

ومع أن أمنحتب الثالث كان ميالًا إلى الاستمتاع في حياته وتغالى في ذلك إلى أبعد حد؛ إلا أنه كان على درجة كبيرة من الذكاء والمهارة السياسية؛ فحينما تولى الملك أراد أن يبرر جلوسه على العرش -لأن أمه كانت آسيوية وزوجته "تي" كانت من عامة الشعب, وهما أمران لم يعتدهما المصري في فراعنته- عمد إلى بناء معبد الأقصر وصور على جدرانه قصة تحاكي القصة التي سبق لحتشبسوت وأعوانها أن يخترعونها للتدليل على شرعية اعتلائها للعرش؛ حيث إنه بالمثل ادعى أن الإله آمون اتصل بوالدته وأنجبه، فأصبح بذلك من سلالة آمون "الإله الرسمي للدولة" نفسه أي: إنه لم يكتسب حقًّا شرعيًّا في الملك فحسب بل ومقدسًا أيضا. هذا وقد أقبل على مصاهرة ملوك الممالك المجاورة وعمت صلاته بهم


١ ما زال أمر وصول أمنحتب الثالث إلى العطيرة مشكوك فيه, قارن
T, Save Soderbergh, op. cit., pp. ١٦٠ ff & 'Breasted, A R II, ٨٤٦.

<<  <   >  >>