للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إلا أن ميله الغريزي نحو النساء لم يكن ليقف عند حد, وتزوج من أميرات من ميتاني وبابل وأشور فضلًا عما كان يرسله إليه حكام بعض المدن السورية من فتيات جميلات مع الجزية. ولا شك في أن علاقات الود التي أوجدها مع الملوك لم تكن خالصة؛ لأن هؤلاء كانوا يأملون دائمًا في الحصول على بعض الخيرات التي كانت تتدفق إلى مصر وخاصة من الذهب؛ فمثلًا كان ملك ميتاني كثيرًا ما أرسل إلى صهره "أمنحتب الثالث" طالبًا المزيد من هذا المعدن, مشيرًا في خطاباته إلى كثرته في مصر إلى درجة أنه كان "كالتراب في وفرته".

ومن المعروف أن ملوك الأسرة الثامنة عشرة كانوا ينسبون أنفسهم للإله آمون، وقد اتبعوا سنة تقديم الهدايا لهذا المعبود عقب كل نصر يحرزونه, وشيدوا له معابد هائلة أوقفوا عليها أوقافًا ضخمة؛ فزاد ذلك من ثراء كهنته وعظم نفوذهم إلى درجة أن بعض الملوك كانوا يدينون لهم باكتسابهم حق اعتلاء العرش، وبالطبع وجد هؤلاء أنفسهم مضطرين للإسراف في مكافأتهم حتى شعر فريق من الملوك بأن نفوذ كهنة آمون قد أصبح من الخطورة؛ بحيث يهدد سلطان الملك، وقد رأى أمنحتب الثالث بثاقب فكره أن هذا الأمر أصبح يتطلب علاجًا فعالًا وخاصة لأن سلفه تحتمس الرابع قد بدأ يشجع بعض العبادات القديمة، وربما كان لتغلغل النفوذ الآسيوي في البلاط أثره في محاولة التخلص من سيطرة كهنة آمون والإقلال من شأن معبودهم، كما أن اتساع رقعة الإمبراطورية كان مما يدعو إلى التفكير في إيجاد معبود يقبله الجميع ويدينون له عن رضًا وارتياح, وهذا لا يتسنى في حالة الإله آمون؛ إذ كانت عبادته يكتنفها الغموض والإبهام، وعلى ذلك اتجهت الأنظار إلى تشجيع عبادة إله الشمس؛ لأن نعمه وأفضاله كانت ظاهرة واضحة لجميع الشعوب التي شملتها الإمبراطورية. وبالفعل بدأت هذه المحاولات منذ عهد تحتمس الرابع على الأقل؛ إذ إنه أعاد الاهتمام بشأن الإله رع حور آختي، وحاول أن يوحد بين عبادة آمون وعبادة قرص

<<  <   >  >>