للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لدين "آمون" متجهًا بكليته نحو "آتون" حتى إنه لم يكن يعترف بآلهة غيره، ولكي يبتعد عن طيبة -مقر الإله آمون- أنشأ عاصمة جديدة توخى أن تكون في بقعة لم يعرف لها إله محلي من قبل, وهذه العاصمة هي تل العمارنة الحالية وقد أطلق عليها اسم "أخيتاتون" كما غير اسمه إلى "إخناتون".

وبلغ من حقده على آمون أن أمر عماله بإزالة اسمه من كل ما يقع تحت أيديهم من الآثار، ولا شك في أن هؤلاء قد بذلوا قصارى جهدهم في تتبع اسم هذا الإله حتى إنهم محوه من أسماء الملوك إن كان يدخل في تركيبها.

وكانت الأناشيد التي وضعت لمدح الإله آتون تشبه بعض مزامير التوراة؛ مما جعل بعض المؤرخين يقارنها بها، ويرى البعض أن إخناتون كان أول مبشر بالتوحيد؛ ولذا اعتبروه عبقريًّا وأنه يمثل أعظم فلاسفة العالم القديم؛ إلا أن هذا غير صحيح؛ إذ إن "إخناتون" كان في أول عهده يحترم كل العبادات، ومع أنه لم يعترف بغير آتون فيما بعد؛ فإنه لم يحارب غير دين آمون وظل يسمح بمباشرة العبادات القديمة الأخرى، ولا شك في أنه أساء التصرف؛ لأنه لم ينل من السياسة التي اتبعها سوى سخط الكهنة والعسكريين حتى إن أهل عصره لقبوه بعد وفاته بلقب "مجرم آتون".

ومهما اختلفت الآراء بشأن هذه الثورة الدينية وفي الحكم على شخصية "إخناتون" فإن أحوال مصر الداخلية وظروفها الخارجية لم تكن لتتفق وقيام مثل هذه الثورة، ولم يكن "إخناتون" بالشخصية المناسبة لتولي عرش البلاد في تلك الآونة على الإطلاق؛ إذ إنه في أغلب الظن كان شخصية ضعيفة مهزوزة وألعوبة في يد أهل بيته، نشأ محرومًا من الصفات التي جعلت من أسلافه ملوكًا ممتازين فلم يؤت من الكفاءة الحربية أو المهارة السياسية ما يمكنه من مجابهة الأحداث والظروف التي تعرضت لها البلاد؛ ولذا حاول أن يغطي ضعفه بالتفرغ

<<  <   >  >>