لم يذهب إلى مذهب سيبويه وحده، وقد يكون المبرد قد أراد من المبالغة التشبيه البليغ، هي إقبال، أي شبيهة به. ولكن ذلك بعيد عن الأسلوب وعن مراد المبرد منه كما يخيل لي.
وفي رسالة أخرى للمبرد هي "ما اتفق لفظه واختلف معناه في القرآن" يقول المبرد:
وفي القرآن مختصرات، فإن مجاز كلام العرب يحذف كثيرًا من الكلام إذا كان فيما يبقى دليل على ما يلقى، فمن ذلك: واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها، لما كانت القرية والعير لا يسألان ولا يجيبان علم أن المطلوب غيرهما "ص٣٦"، ولا يجوز على هذا جاء زيد وأنت تريد غلامه؛ لأن المجيء يكون له ولا دليل في مثل هذا على المحذوف. ومثل الأول: ولكن البر من آمن بالله، أي بر من آمن بالله؛ لأن البر لا يكون البار. ونظيره قول الجعدي:".. أصبحت خلالته كأبي مرحب" أي كخلالة أبي مرحب "٣٢ و٣٣".
ومن المختصر في القرآن قوله تعالى:{وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لا يَسْمَعُ}[البقرة: ١٧١] تأويله مثلكم ومثلهم كمثل الناعق بما لا يسمع فاختصر وحذف، كقول النابغة: كأنك من جمال بني أقيش، أي جمل من جمال "٣٥".. والمبرد في ذلك تابع لسيبويه ناقل عنه، ورأيه عندي صحيح.
ابن المدبر والمجاز العقلي:
يرى ابن المدبر أن أسلوب:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَار} من الحذف والاتساع، وأن الكتاب ينبغي أن يتجنبوه. "راجع ص١٨ الرسالة العذراء لابن المدبر نشر الدكتور مبارك".