للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[البلاغة والتجديد]

[مدخل]

...

[البلاغة والتجديد]

١- البلاغة العربية مدينة في نشأتها الأولى لجهود علماء اللغة والأدب ولمثابرة الرواة والنقاد والباحثين في أصول البيان العربي، مع الأثر الفذ الذي أحدثه الكتاب والشعراء والأدباء في القرن الثاني والثالث الهجري.. ولقد تلاحقت الثقافات، واتصلت المعارف، وتبودلت الأفكار، في عواصم العلم والثقافة في العالم الإسلامي القديم، على أيدي العرب الذين نبغوا في اللغات الأجنبية، والموالي الذين حذقوا اللغة العربية وأجادوها، والمترجمين الذين كانوا همزة الوصل بين الثقافات القديمة والثقافة العربية الإسلامية الأصيلة. كان خلف لا يشق له غبار في صناعة النقد "لنفاذه فيها وحذقه بها وإجادته لها"١. وكان أبو عبيدة يعجب من فطنة بشار وجودة قريحته وصحة نقده للشعر٢، وكان خلف يعجب من نقده للشعر ومذاهبه٣. وكان الجاحظ٤ يرى أن بشارًا زعيم المولدين. ثم جاء ابن سلام والجاحظ وابن قتيبة والمبرد وابن المدبر وابن المعتز، فكان لجهودهم أثر كبير في نشأة البلاغة ونمو البحث في أصول البيان.

ولا ننسى جهود طائفة أخرى من العلماء في إثارة البحوث البلاغية والتعليق عليها، وتلك الطائفة هي جماعة العلماء الذين شغلوا بالبحث في إعجاز القرآن الكريم وتفهم أسرار هذا الإعجاز والتأليف فيه، فكشفوا الكثير من غوامض البلاغة وأصولها، ومن هؤلاء أبو عبيدة والجاحظ وسواهما من أئمة المعتزلة وفحولهم. وعلى أيدي قدامة وأبي هلال والآمدي والقاضي الجرجاني وغيرهم من أفذاذ النقاد في القرن الرابع الهجري، نرى البحث البلاغي ينمو ويقوى ويزدهر. ثم تلاهم الباقلاني وابن سنان وابن رشيق من علماء النقد والبيان.


١ ١٩٧/ ١ العمدة.
٢ ٢٠٧ طبقات ابن سلام.
٣ ٢٣/ ٣ الأغاني.
٤ ٩١/ ١ العمدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>