والقلب جعل أحد أجزاء الكلام مكان الآخر، والآخر مكانه، على وجه يثبت حكم كل منهما للآخر، والظاهر أنه من الحقيقة وربما يدعي أنه من المجاز العقلي، وهو من مباحث المعاني والبديع باعتبارين. والقلب نوعان: لفظي فقط مثل "قطع الثوب المسمار" تعني أن الثوب مفعول وترفعه والمسمار فاعل وتنصب وكل منهما باق على ما هو له من فاعلية أو مفعولية، ومعنوي ومثاله: "قطع الثوب المسمار" تريد أن الثوب لمبادرته بالتقطيع هو كأنه قطع المسمار، فهذا قلب معنوي.. هذا والقلب اللفظي يتعلق بالنحو لا بالبيان، والظاهر أنه حينئذ ضرورة لا ينبغي حكاية خلاف فيه، وما من محل يدعي فيه ذلك إلا جاز أن يكون القلب فيه معنويًّا. أما القلب المعنوي فينبغي القطع بجوازه ولا شبهة لمنعه، ومن يمنع المجاز مع العلاقة الواضحة إلا من شذ؟. وكلام النحاة جريان قولين فيه: المنع مطلقًا والجواز مطلقًا والقول الثالث جواز المعنوي لا اللفظي. ٢ أي من خلاف مقتضى الظاهر القلب. ٣ أي مكان "عرضت الحوض على الناقة" أي أظهرته عليها لتشرب، ويرى ابن السكيت أن "عرضت الناقة على الحوض" هو الأصل وأن المقلوب "عرضت الحوض على الناقة" فكأنه لاحظ أن المعروض عليه يكون أمرًا مستقرًّا.