للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورده مطلقًا١ قوم، وقبله مطلقًا قوم منهم السكاكي٢، والحق أنه إن تضمن اعتبارًا لطيفًا قبل وإلا رد.. أما الأول٣ فكقول رؤبة:

"ومهمة مغيرة أرجاؤه" ... كأن لون أرضه سماؤه٤

أي كأن لون سمائه لغبرتها لون أرضه فعكس التشبيه للمبالغة، ونحوه قول أبي تمام يصف قلم الممدوح:

لعاب الأفاعي القاتلات لعابه ... وأرى الجنى اشتارته أيد عواسل٥

وأما الثاني٦ فكقول القطامي٧:


١ أي سواء تضمن اعتبار لطيفًا أم لا. وذلك؛ لأنه عكس المطلوب ونقيض المقصود.
٢ لأنه مما يورث الكلام لطافة وملاحة.
٣ أي ما تضمن اعتبارًا لطيفًا.
٤ المهمة: المفازة. مغبرة: مملوءة بالغبرة. الأرجاء: الأطراف والأرجاء جمع الرجال مقصورًا. وسماؤه أي لون سمائه.
والشاهد المصراع الأخير فإنه من باب القلب. والاعتبار اللطيف هنا المبالغة في وصف لون السماء بالغبرة حتى كأنه صار بحيث يشبه لون الأرض في ذلك مع أن الأرض أصل فيه. هذا ونجد البيت في٩٦ الموازنة و٩١ المفتاح.
٥ الأفاعي: الحيات. أرى الجنى: العسل. اشتار: جنى. أيد عواسل: أي عارفة بجنيه. أي هذا القلم على الأعداء سم زعاف وعلى الأصدقاء شهد شهي. والشاهد في البيت الشطر الأول فهو من القلب، والأصل: لعابه لعاب الأفاعي القاتلات. والاعتبار اللطيف هنا المبالغة يعكس التشبيه.
٦ وهو ما لم يتضمن اعتبارًا لطيفًا هو على المذهب الحق مردود غير مقبول.
٧ من قصيدة يمدح به زفر بن حارث الكلابي. وروايته "بطنت" بدل طينت. الفدن بالتحريك: القصر. السياع: الطين بالتبن. والمعنى: كما طينت الفدن بالسياع، يقال: طينت السطح والبيت. ولقائل أن يقول أنه يتضمن من المبالغة في وصف الناقة بالسمن ما لا يتضمنه قوله: "كما طينت الفدن بالسباع" لايهامه أن السياع بلغ مبلغًا من العظم والكثرة إلى أن صارت بمنزلة الأصل والفدن بالنسبة إليه كالسياع بالنسبة إلى الفدن.. والحق أنه تكلف محض.

<<  <  ج: ص:  >  >>