للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إفراد المسند ١:

وأما إفراده: فلكونه غير سببي٢ مع عدم إفادة تقوي٣ الحكم، كقولك: زيد منطلق، وقام عمرو. والمراد بالسبببي نحو "زيد أبوه منطلق". قال السكاكي: وأما الحال المقتضية لإفراده فهي إذا كان فعليًّا ولم يكن المقصود من نفس التركيب تقوي الحكم، وأعني


١ أي جعل المسند غير جملة.
٢ السبببي هنا جملة أخبر بها عن مبتدأ بعائد ليس مسندا له في تلك الجملة والسببي نسبة إلى السبب الذي هو الضمير الذي يقع الربط به.
٣ إذ لو كان سببيًّا نحو "زيد قام أبوه" أو مفيدًا للتقوي نحو "زيد قام" فهو جملة قطعًا. وأما نحو "زيد قائم" فليس بمفيد للتقوي بل هو قريب من "زيد قام" في ذلك، وقوله مع عدم إفادة التقوي معناه مع عدم إفادة نفس التركيب تقوي الحكم فيخرج ما يفيد التقوي بحسب التكرير نحو "عرفت عرفت" أو بحرف التأكيد نحو "إن زيدًا عارف"، أو نقول: أن تقوي الحكم في الاصطلاح هو تأكيده بالطريق المخصوص -وهو تكرير الإسناد مع وحدة المسند إليه- مثل زيد قام.. فإن قيل: المسند قد يكون غير سببي ولا مفيد للتقوي ومع هذا لا يكون مفردًا كقولنا "أنا سعيت في حاجتك" و"رجل جاءني" و"ما أنا فعلت"، هذا عند قصد التخصيص. قلت: سلمنا أن ليس القصد في هذه الصور إلى التقوي لكن لا نسلم أنها لا تفيد التقوي ضرورة حصول تكرار الإسناد الموجب للتقوي، ولو سلم فالمراد أن إفراد المسند يكون لأجل هذا المعنى ولا يلزم منه تحقق الإفراد في جميع صور تحقق هذا المعنى. ثم السببي والفعلي من اصطلاحات صاحب المفتاح حيث سمي في قسم النحو الوصف بحال الشيء نحو "رجل كريم" وصفا فعليا، والوصف بحال ما هو من سببه نحو "رجل كريم أبوه"، وصفًا سببيًّا، وسمي في علم المعاني المسند في نحو "زيد قام أبوه" مسندًا سببيًّا، وفسرهما بما لا يخلو من صعوبة وانغلاق فلهذا اكتفى المصنف في بيان المسند السببي بالمثال. وهذا الاصطلاح غير موجود لأحد قبل السكاكي.. والمسند السببي عند السكاكي أربعة أقسام: جملة اسمية خبرها فعل مثل "زيد أبوه ينطلق"، أو اسم فاعل مثل "زيد أبوه منطلق"، أو اسم جامد مثل "زيد أخوه عمرو" أو جملة فعلية الفاعل فيها مظهر مثل "زيد انطلق أبوه".

<<  <  ج: ص:  >  >>