أبو القاسم الحسن بن بشر الآمدي البصري المتوفي عام ٣٧١هـ من أعلام الأدب والنقد والبيان في القرن الرابع.
وكتابه الموازنة سجل حافل لشتى مناهج النقد، ومذاهب النقد في تحليل شاعرية أبي تمام والبحتري وإن كان الآمدي ينصر البحتري في مواقف كثيرة.
والصلة بين الآمدي والقاضي أبي الحسن الجرجاني صاحب الوساطة م ٣٩٢هـ كبيرة، اتفقا في كثير من الآراء في النقد والأدب والبيان، وكثيرا ما نرى أسلوبهما في شرح الأبيات واحدًا، أو متقاربا. على أن اتجاه الرجلين في النقد واحد أيضا، فاتجاه الجرجاني في نقد شعر المتنبي هو اتجاه الآمدي في نقد شعر الطائيين فهو يحصى ما أخذ على المتنبي من سرقات، وما أخذ عليه من أخطاء ترجع إلى التكلف والتعقيد، أو إلى الإفراط والمبالغة، أو إلى بعد الاستعارة وعدم وضوحها، أو غموض المعنى والتعثر في أدائه، أو إلى اللحن في الأداء والخطأ في التركيب، وهذا هو الاتجاه الذي اتجهه الآمدي في موازنته مع فوارق ضئيلة، وهو رجوع بالنقد إلى النهج العربي والذوق الأدبي دون ما عداهما، وكل ذلك يدلنا على وجود صلة أدبية بين الرجلين رغم تباين موطنيهما "البصرة وجرجان". ومن المرجح عندي أن صاحب الوساطة قد تأثر بالموازنة دون العكس، وأن الموازنة كانت خطوة أولى في النقد الادبي كعلم، ثم تلتها الوساطة كخطوة ثانية في مضماره يرشدنا إلى ذلك دراسة فن التأليف في كلا الكتابين، فالرقي التأليفي في كتاب الوساطة المتجلي في جمال عرضها وتهذيب تأليفها وحسن أسلوبها أكبر دليل على ما أذهب إليه، ويصعب علينا أن نفسر ما بين الرجلين من تقارب كثير بأنهما عاشا في عصر واحد وتثقفا بثقافة عصرهما المتحدة؛ فإن اختلاف بيئة الرجلين وحياتهما مما لا يجعل لذلك التفسير قوته ولا وجاهته.
أثر الموازنة في كتب البيان:
وأثر الموازنة في النقد، وكيف كانت أصلا عظيما من أصول الموازنة والنقد الأدبي أثر كبير، وكذلك كان الكتاب مرجعا لعلماء البيان، ومصدرا من مصادرهم العلمية: