اللفظ ولكنه مجازه ومتعداه يقع فيه كالواقف بمكان غيره ثم يتعداه إلى مكانه الأصلى١.. وحدهما -الحقيقة والمجاز- في المفرد: أن كل كلمة أريد بها ما وضعت له فهي حقيقة "١١٧ المرجع المذكور" كالأسد للحيوان واليد للجارحة، وإن أريد بها غيره لمناسبة بينهما فهي مجاز كالأسد للشجاع واليد للنعمة أو القوة، وحدهما في الجملة: أن كل جملة كان الحكم الذي دلت عليه كما هو في العقل فهي حقيقة مثل خلق الله الخلق، وكل جملة أخرجت الحكم المفاد بها عن موضعه في العقل لضرب من التأويل فهي مجاز، كما إذا أضيف الفعل إلى شيء يضاهي الفاعل كالمفعول به في عيشة راضية. أو المصدر في شعر شاعر، أو الزمان في ليلة نائم، أو المكان في طريق سائر، أو المسبب في بنى الأمير المدينة، أو السبب في وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا، فمجاز المفرد لغوي ويسمى مجازًا في المثبت ومجاز الجملة عقلي ويسمى مجازًا في الإثبات، فالمجاز قد يكون في المثبت وحده مثل: فأحيينا به الأرض بعد موتها، وقد يكون في الإثبات وهو أن يضيف الفعل إلى غير الفاعل الحقيقي كما ذكرنا. وقد يكون فيهما جميعا كقولك آنستني رؤيتك أي سرتني فجعل المسرة حياة، وأسندها إلى الرؤية وهو مجاز في الإثبات "١١٨ حسن التوسل".
١ ذلك مأخوذ عن عبد القاهر وقد سبق ابن فارس في كتابه "الصاحبي" إلى بيان ذلك قال: باب سنن العرب في حقائق الكلام والمجاز": الحقيقة من حق الشيء إذا وجب. وهي الكلام الموضوع موضعه ليس باستعارة ولا تمثيل ولا تقديم فيه ولا تأخير. كقول القائل "أحمد الله على نعمه وإحسانه" وهذا أكثر الكلام. وأما المجاز فمأخوذ من جاز يجوز إذا استن ماضيًا. نقول جاز بنا فلان وجاز علينا فارس. هذا هو الأصل. ثم نقول يجوز أن تفعل كذا أي تنفذ ولا يرد ولا يمنع، ونقول عندنا دراهم وضع وازنة وأخرى تجوز جواز وازنة. أي هي وإن لم تكن وازنة فهي تجوز مجازها وجوازها لقربها منها، فهذا تأويل قلونا مجاز. أي أن الكلام الحقيقي يمضي لسنته لا يعترض عليه أو قد يكون غيره يجوز جوازه لقربه منه إلا أن فيه من تشبيه واستعارة ما ليس في الأول، ١٦٧-١٦٩ الصاحبي".