للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والنقد، وهو من أئمة المعتزلة، تتلمذ على النظام وسواه من فحول عصره فخرج واسع الثقافة عميق التفكير كثير الإحاطة والإطلاع على شتى المؤلفات والتراجم المنقولة من جميع اللغات إلى العربي.

اتصل الجاحظ باليونان وثقافتهم من كتبهم المترجمة وعن طريق المتكلمين وبمجالسته لكثير من المثقفين باليونانية١، كما أنه حذق الثقافة الفارسية من كتب ابن المقفع وسواه، وتوسع في الثقافات كلها بما كان يقرؤه من الكتب٢، وتأثر بخطابة أرسطو إلى حد بعيد ومن المشابهة بينه وبين أصحاب الخطابة في الأسلوب استعماله القياس المضمر وهو المذهب الكلامي عند البديعيين٣، ونقد الجاحظ التراجم والمترجمين من اليونانية وخاصة كتاب المنطق بأنه في أسلوب سقيم، فالجاحظ ولاشك قد تأثر "بالخطابة" لأرسطو كثيًرا٤، وأنكر باحث آخر أن يكون كتاب البيان متأثرًا بخطابة أرسطو أو صدى له؛ لأن الجاحظ لم يره٥ ولم ما يؤيده الدكتور طه حسين٦.

ومن البدهي أن الجاحظ ألم بالثقافة الفارسية المترجمة إلمامًا واسعًا، ويبدو لي أنه كان يعرف اللغة الفارسية، ففي البخلاء يحكي الجاحظ كلام بخيل من أهل مرو تجاهل رجلًا زاره من أهل العراق: لو خرجت من جلدك لم أعرفك، قال الجاحظ: وترجمة هذا الكلام بالفارسية "كراز بوستت بارون ببائي نشناسيم"٧:


١ ٤٠١/ ١ ضحى الإسلام.
٢ ٣٨٧/ ١ المرجع.
٣ ٦٢٠ و٦٢١ الرسالة عدد ١٩٦ من محاضرة للأستاذ حمودة في أسبوع الجاحظ، وإذا كان الجاحظ ينكر أن يكون لليونانيين خطابة "١٥/ ٣ البيان" فليس لك إلا في مقام الرد على الشعوببين وقد يكون الجاحظ لم يطلع على نصوص خطابية لليونان.
٤ راجع ٦٢١ الرسالة العدد ١٩٦.
٥ راجع ٦٢٢ المرجع السابق.
٦ ص٣ مقدمة نقد النثر.
٧ ص١٩ البخلاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>