للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكلماتهم، وسياسة بني العباس ودهائهم، ويتحدث عن رواية الأدب واتجاهات الرواة وطبقاتهم، وعن كلام رسول الله وسحر إيجازه وبعده عن مذاهب العرب في شعرها، وعن أمية رسول الله مع بلاغته وعن مجد الشعر وأثره ومكانته إلى غير ذلك من شتى الآراء ويختم الجاحظ كتابه بهذه الكلمة الجامعة: "وهذا أبقاك آخر ما ألفناه من كتاب البيان والتبيين ونرجو أن نكون غير مقصرين فيما اخترناه من صنعته، وأردناه من تأليفه، فإن وقع على الحال التي أردنا والمنزلة التي أملنا فذلك بتوفيق الله، وإن وقع بخلافها فما قصرنا في الاجتهاد ولكن حرمنا التوفيق والله أعلم".

وبعد فكتاب البيان ثمرة من ثمرات الرجولة المكتملة التي أحاطت بالجاحظ بعد أن ودع شبابه واستقبل عهد المشيب، وهو لذلك آية من آيات الطبع المتمكن والذوق السليم والإحاطة التامة بالبيان وبلاغته. وليس ذلك بكثير على الجاحظ شيخ العربية الفذ وبطلها الكبير.

وأثر "البيان" وقيمته مما يعسر على الباحث تفصيله وإيفاؤه فيها حقه من التقدير والإنصاف ودقة الحكم:

فكتاب البيان أصل من أصول الأدب وهو في أسلوبه وفي نهجه وفي رواياته وفي آرائه الأدبية خير معين لطلاب العربية والمتخصصين في آدابها.

وقيمته في البيان العربي خطيرة لما أودع فيه من شتى البحوث والآراء في البلاغة وعناصرها واتجاهاتها ومذاهبها وألوانها وغاياتها وأثرها سواء كانت هذه الآراء من جمع الجاحظ وروايته وتدوينه أم من ابتكاره ورأيه الشخصي واتجاهه الأدبي المستقل، وفيما جمعه الجاحظ من ذلك الكثير مما لايزال محل إعجاب الباحثين وتقديرهم، وكفى أن تقرأ فيه: البلاغة كما تتحدث عنها صحيفة هندية مكتوبة، أو كما رآها ابن المقفع أو كما تحدث عنها بشر بن المعتمر في صحيفة من تحبيره

<<  <  ج: ص:  >  >>