عيبًا في الخطيب، والجاحظ يذكر ذلك ويميل إلى رأي أستاذه النظام محللًا رأي أبي شمر ويرجعه إلى صفاته الخلقية والنفسية من الوقار والتزمت "٦٩ و٧٧ و٧٨/ ١".
ويختلفون كذلك في شيء آخر يمس الخطيب والبليغ، فهل السمت والجمال من تمام آلة البليغ أم لا؟ يورد الجاحظ ذلك ويذكر بتفصيل رأي سهل بن هرون في عدم عدهما من أدوات البلاغة "٧٦/ ١"، ولا شك أن الجاحظ كان يدافع عن نفسه بما أورده وفصله في ذلك الموضوع.
وكثرة الكلام يراها بليغ كاياس خيرًا وبلاغة، ولكن الجاحظ يرد عليه؛ لأن للكلام غاية، ولنشاط السامعين نهاية "٨٢/ ١" ... وكذلك إعادة الحديث من العلماء من ذمة ومنهم من حمده ومنهم من جعل لحمده مواضع وأسبابًا، والجاحظ يتكلم في ذلك ويدلي برأيه فيه ويجعله على قدر المستمعين له ودرجاتهم العقلية، ويعلل سر ما في الذكر الحكيم من إعادة وتكرير "٨٤ و٨٥/ ١".
والجاحظ يروي في وصف ثمامة بن أشرس لبلاغة جعفر بن يحيى "٨٥/ ١"، ويصف هو بلاغة ثمامة "٨٩/ ١"، ويصف بلاغة بليغ يحذر من سحر الكلام وأثره ويدعو إلى اجتناب السوقي والوحشي وإلى أن لا يجعل الأديب همه في تهذيب الألفاظ وشغله في التخلص إلى غرائب المعاني "١٧٦ و١٧٧/ ١" والجاحظ هو نفس هذا البليغ، وكثيرًا ما يتكلم فيخرج آراءه في معرض الرواية عن سواء لغرض سنعلمه بعد حين، وذلك كله يستحق الدراسة والإمعان؛ لأنه يمس عناصر البيان وبلاغته.
والخطبة يستحسن أن يكون فيها أي من القرآن أو بيت من الشعر أم لا؟ يذكر ذلك الجاحظ ويروي مذاهب البلغاء فيه "٩٣/ ١" ويذكر أن منها الطوال ومنها القصار، وأن لكل مواضع تليق به "١٩/ ٢".